حسام أبو العلا - القاهرة

قطر تخصص المليارات لإعادة تشكيل التنظيم الإرهابي

بدأ الرئيس التركي أردوغان في الاستعانة بعناصر من «داعش» والتواصل مع قيادات التنظيم الإرهابي، إذ سيعول عليه في المرحلة القادمة لتنفيذ مخطط تفكيك عدد من ميليشيات العاصمة الليبية طرابلس بعد رغبة بعضها في الحصول على مكاسب مالية وسياسية، ما اعتبره تخطيا لدورها الراهن، الذي يقف عند الحصول على مقابل مالي لمواجهة الجيش الوطني الليبي، كما أن أردوغان بدأ أيضا في التواصل بجدية مع وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشا آغا ليكون البديل لرئيس الحكومة ذاتها فايز السراج.

وعن تفاصيل هذه الخطة، كشف مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي اللواء خالد المحجوب عن بدء تركيا في نقل قادة وعناصر «داعش» إلى مناطق الغرب الليبي، مؤكدا أن أردوغان يستند في اعتماده على عناصر «داعش» لفتاوى المفتي المعزول الصادق الغرياني، التي دعا فيها للإفراج عن إرهابيي التنظيم في معيتيقة وغيرها.

وذكر المحجوب أسماء أخطر قيادات «داعش»، الذين سيتم الدفع بهم في الأيام القادمة لقيادة عناصر التنظيم والإشراف على التنظيمات الإرهابية الأخرى وهم، فائز العكال والي الرقة إبان حكم «داعش» للرقة، وأشقاؤه خالد مؤسس وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم، وفاضل مسؤول المفخخات، إضافة لمثنى الكجل مسؤول تسليح تنظيم «داعش» في القطاع الغربي لولاية الرقة وإسماعيل عيدو ذراع الاستخبارات التركية في التنظيم، وفيصل بلو الذي كان يعرف بأمير تل أبيض، عندما كان يسيطر عليها «داعش» وكان قد شارك في جريمة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.

وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي أن ما تزعمه تركيا بنقل الشحنات الطبية وغيرها من مطاراتها إلى مطارات الغرب الليبي وتحديدا في مصراتة أو طرابلس، هي رحلات لنقل هؤلاء الإرهابيين.

وحذر الباحث في الشؤون الليبية محمد فتحي الشريف من خطورة الصمت على الانتهاكات التركية للسيادة الليبية، مشددا على أن صمت المجتمع الدولي إزاء ما يرتكبه أردوغان يفسر أسباب المؤامرات، التي تكالبت على ليبيا لتمزيقها وإسقاطها في مستنقع الفوضى، لافتا إلى أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن يتحملان جزءا كبيرا من مخطط الإخوان وتركيا وقطر بتقسيم ليبيا.

وقال الشريف: إن مصادر ليبية موثوقة كشفت له أن النظام القطري ضخ مليارات الدولارات من أجل إعادة إنتاج نظام «داعش» في ليبيا للسيطرة على الغرب الليبي والتصدي للجيش الوطني الليبي، مؤكدا أن الدوحة وأنقرة سيدفعان قريبا ثمنا غاليا لرعاية ودعم الإرهاب.

الإخوان وتركيا

بدوره، قال المتخصص في مكافحة الإرهاب د. محمد أبوراس الشريف إن إعلان أعضاء بتنظيم الإخوان بمدينة الزاوية «غرب العاصمة طرابلس» تقديم استقالتهم الجماعية من الجماعة وحّل فرعها بالمدينة مخطط تكتيكي من أجل الاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة إذ إن الجماعة لا توجد لديها حاضنة اجتماعية في المدن الليبية، وخسرت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وشدد على أن انسحاب جماعة الإخوان من المشهد السياسي الليبي عبر رموزها وإعلان مقاطعاتها لتركيا بسبب تدخلها في الشأن الليبي، يبدو مستحيلا ولن يحدث لتشابك علاقات التنظيم مع نظام أردوغان.

من جهته، حمّل عضو مجلس النواب سعيد أمغيب، حكومة الوفاق مسؤولية ظاهرة هجرة الشباب الليبي عبر البحر، واصفا إياها بأنها «جريمة بحق الوطن». وقال في حسابه الشخصي بفيسبوك: حكومة اللاوفاق تجبر الشباب الليبي على الهجرة وركوب البحر في قوارب صيد متهالكة من أجل الحصول على المال، بالمقابل يدفعون 2000 دولار شهرياً للمرتزق السوري.. أنباء عن تزايد عدد المهاجرين من شباب المنطقة الغربية عبر البحر إلى شواطئ أوروبا.. أنباء أخرى تؤكد أن عدد المرتزقة السوريين وغيرهم، الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا تجاوز 17 ألف مرتزق.. موضوع هجرة الشباب الليبي عبر البحر بهذه الطريقة جريمة بحق الوطن يتحملها فايز السراج وحكومته ويجب أن يحاسبوا عليها.

انهيار ليبيا

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنغازي د. ميلاد الحراثي، أن ليبيا تعاني من انهيار في أغلب المجالات، وقال في ورقة تحليلية بعنوان «تاريخ ليبيا اليوم يفسرهُ حاضرها»،: يعيش الليبيون وعلى مختلف شرائحهم اليوم ظروفاً صعبة، لم يشهد لها مزيج في سابق تاريخهم. فليبيا اليوم، خاصّةً بعد تدويل ‏مفارقاتها السياسية والاقتصادية وهويتهم، تعاني من انحدار كبير في عموم الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ‏والصحّية، ومن غياب لمشروع إنقاذ ليبي يتّفق عليه أصحاب القدرة على القرار في داخل ليبيا وحتى خارجها.

وأضاف: يُخطئ مَنْ يظنَّ أنّ ‏المسألة الليبية سوف تنتهي باتّفاق الليبيين أنفسهم وفيما بينهم فقط. ويخطئ مَنْ يظنّ اليوم أنّ استدعاء مستقبل الليبيين سيتحقّق بإرادة ‏ليبية صرفة. لقد تحولت سلسلة المصاعب الليبية كلّها كنتيجة خليط من عوامل مركّبة داخلية وخارجية تتحرّك معاً لتصنع أتون الحروب ‏والصراعات المسلّحة، والتسويات السياسية المسكنة لوعي الليبيين أحياناً أخرى.

وتابع الحراثي: ‏إذا استمرّت ليبيا مهدّدة بالانهيار، إن لم تنهر كليا، لأنّ مشاريع الصخيرات وبرلين وروما وجنيف والقاهرة، كانت يجب أن تؤدّي إلى ‏إلغاء حالة الطائفية السياسية المستجدة، والقبلية السياسية المستجدة في الحالة الليبية، مع الحفاظ على ليبيا كوطن قائم حيث المطلوب ليس ‏إلغاء أو إقصاء أيّ طرف بل إلغاء الطائفية السياسية المستجدة، ومنها القائمة على الحزبية والمصالح الدونية، فكلاهما يؤدّيان إلى ‏حروب بالوكالة.