د. عبدالوهاب القحطاني

للتدريب دور مهم في صقل مهارات وقدرات ومعرفة الموظفين في جميع المستويات لأنه يزيد في الكفاءة الإنتاجية، ويساهم في استدامة المنافسة للمؤسسات والشركات الربحية وغير الربحية. تهتم المؤسسات والشركات بالتدريب، خاصة في ظل الأهداف الطويلة الأجل لأنه يكسبها الميزات التنافسية الضرورية للنجاح والاستمرار في السوق. للتدريب ميزانية سنوية لأنه أصبح ضرورة للتطوير المستمر والمحافظة على استمرارية المنافسة.

إن التدريب والتطوير المستمر أولوية في سياسات الشركات المحلية والأخرى المتعددة الأوطان، لذلك نرى الشركات المتميزة تؤسس مراكز التدريب المتميزة في نواحٍ معرفية وتقنية ذات أهمية كبيرة في تطوير الموظفين في النواحي الفنية والإدارية والقيادية. وقد تميزت ورش التدريب في كل من ألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية عن غيرها من الدول التي لا تولي التدريب أهمية قصوى. وتعد ألمانيا من أكثر الدول المتقدمة اهتماما بتأسيس مراكز التدريب المتطورة، حيث تكسب المتدربين مهارات عالية تمكنهم من تصميم المنتجات المنافسة كما هي الحالة في ورش التدريب الخاصة بقطاعي التكنولوجيا والسيارات. أما اليابان فقد اهتمت بتطوير مراكز التدريب المتخصصة في تطوير مهارات العاملين في قطاع تكنولوجيا الإلكترونيات، وبدأت تولي قطاع السيارات اهتماما كبيرا لتطوير مهارات العاملين.

رؤية المملكة 2030 طموحة وشاملة لأنها تستهدف تطوير قطاعات عديدة تساهم في نمو الاقتصاد السعودي. الحقيقة أن التدريب والتطوير المستمر يساهم في تحقيق الرؤية بكفاءة عالية، بل يساهم في تطوير المنافسة الشاملة للمملكة وجعلها على قائمة الدول الصناعية المتقدمة. ومن الأهمية أن تستفيد المملكة من مراكز وورش التدريب الألمانية لأنها المتميزة عن غيرها في الدول المتقدمة. تحديد الأهداف من التدريب والتطوير أولوية لمراكز التدريب في المملكة لتطوير المعرفة والمهارات والقدرات.

يعد معهد التدريب السعودي - الياباني في جدة نموذجا يحتذى به في تطوير مهارات المتدربين في مجال السيارات لأنه يقدم المعرفة وتقنية السيارات اليابانية للسوق السعودي، حيث أقيم على أسس صحيحة وأهداف مرسومة. وقد تخرج من المعهد السعودي - الياباني عدد كبير من المهنيين السعوديين الذين التحقوا بسوق العمل السعودي في مجال تقنية وصيانة السيارات.

يجب أن تتحول المملكة إلى ورش عمل متخصصة تقودها مراكز التدريب ذات الجودة النوعية لتزويد سوق العمل السعودي بالماهرين في مختلف الصناعات والخدمات. ويجب أن يكون التدريب النوعي أولوية وبعيدا عن المنهجية التقليدية التي لا توفر المهارات المطلوبة لدى المتدربين، كما يجب الاهتمام بتكنولوجيا وتقنية التدريب ليحصل المتدربون على المعرفة والمهارة والقدرات المناسبة التي تفي بحاجة سوق العمل.

إن الاستثمار المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص في إنشاء مراكز التدريب المتخصصة يستحق الاهتمام فالعائد الاستثماري مشجع في الأجل الطويل. ومن هذا المنطلق لا بد من الإشارة إلى أن الأيدي العاملة الوافدة سترحل إلى دولها وترحل معها الخبرة والمعرفة ليجد السعوديون أنهم في أمس الحاجة لكفاءات وطنية مدربة لتحل محل العمالة الوافدة. الحقيقة أن غالبية العمالة الوافدة لا تتمتع بمعرفة وخبرات ومهارات وقدرات تساهم في تطوير أداء الاقتصاد السعودي بما تمليه رؤية 2030.

الخلاصة لا بد من إنشاء مراكز التدريب المتخصصة والتركيز على التدريب النوعي لتطوير القدرات والمعرفة والمهارات على جميع المستويات في الشركات والمؤسسات السعودية، ناهيك عن تطوير الإدارات العليا في نواحٍ كثيرة في مقدمتها القيادة الفعالة.

@dr_abdulwahhab