ذي غارديان

تساءلت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية عمن سيختار الرئيس الأمريكي المقبل: الشعب الأمريكي أم فيسبوك؟

وبحسب مقال لـ «جوناثان فريدلاند»، فليس من قبيل المبالغة أن رؤساء مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وجوجل وأمازون وآبل، الذين حضروا جلسة اجتماع في الكونجرس مؤخرًا عبر تطبيق «زووم»، هم التجسيد الحقيقي للقوة والنفوذ.

وتابع يقول: يحدد جوجل وفيسبوك، اللذان يستخدمهما مليارات البشر، غالبية ما يراه ويقرؤه ويعرفه الجنس البشري. إن تعديلًا واحدًا بسيطًا للخوارزميات من جانب فيسبوك يمكن أن يحدد ما إذا كانت بعض الأكاذيب أو حملات الكراهية أو نظريات المؤامرة ستنتشر حول العالم أم تنزوي.

وأشار إلى أنه إذا كان ذلك صحيحًا لبعض الوقت، إلا أنه اكتسب أهمية إضافية في عام 2020، وذلك في ضوء ما نعرفه عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.

ومضى يقول: من الواضح الآن أن نشر الأكاذيب على الإنترنت بات مسألة حياة أو موت. وسط جائحة كورونا، تعتبر المعلومات الموثقة والسليمة أداة ضرورية للصحة العامة. لو وجدت الادعاءات الكاذبة ونظريات المؤامرة المجنونة، طريقها إلى ملخص الأخبار على صفحات المستخدمين، سيكون الأمر كما لو أن إمدادات المياه قد تلوثت.

ونبّه الكاتب إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي منحت كثيرين متوهّمين وغريبي الأطوار يعيشون بيننا قدرة على الوصول للناس لم يكونوا يحلمون بها مطلقًا.

وأردف يقول: عبر فيسبوك، يستطيع أي بوق دعاية نشر رسائل بشكل فوري حول العالم، وفي الوقت ذاته، إيصال هذه الرسائل لجمهور مختار بعناية، بفضل البيانات الغزيرة التي يمتلكها فيسبوك عن مستخدميه، حيث يسمح باستخدام هذه البيانات للإعلانات التي تستهدف شريحة محددة مقابل ثمن.

وأوضح أن هذه البيانات لا تقتصر فقط على المواقف التي قد تكون عبّرت عنها على الإنترنت، لكن يمكن أن تتضمن أيضًا عمليات الشراء التي قمت بها باستخدام بطاقتك الائتمانية، وحتى التفاصيل الصغيرة لحياتك، التي تسجلها الأجهزة التي تشكّل إنترنت الأشياء.

وأضاف: في بعض الأحيان يكون عمالقة التواصل الاجتماعي مجبرين على الظهور بمظهر الذين يتخذون إجراءات، لا لشيء سوى ضبط سمعتهم.

وشدد الكاتب على أن وجود الأكاذيب والكراهية على هذه المنصات ليس مجرد مشكلة صغيرة مؤسفة، بل هي عنصر أساسي في هذه المنصات، موضحًا أن الرسائل التي تثير الغضب والكراهية هي أكثر فاعلية في جذب اهتمام الناس إلى الإنترنت مقارنة بالمحتوى الذي يكون مثيرًا للاهتمام أو مسليًا.

وتابع: لهذا السبب تظهر دراسات أن الأخبار المزيفة تنتشر أسرع من الأخبار الحقيقية، حيث إن الخوارزميات مصممة لتفضيل الانتشار السريع على حساب الموثوقية.

ومضى يقول: هناك اقتراح يتمثل في إنشاء نظام للتأكد من الحقائق، وعقب انتخابات 2016، اتخذ فيسبوك خطوات في هذا الاتجاه. لكن عندما ظهر أن أحد شركاء فيسبوك في مجال التأكد من الحقائق كان «ديلي كولر»، وهو موقع إخباري يميني معروف بنشر المعلومات المضللة، تراجعت مصداقية هذا النظام.

وأضاف: لذلك يجب أن يعترف فيسبوك ويوتيوب وتويتر بأنها جهات نشر، وبالتالي يتعيّن عليهم تحمّل المسؤولية التي تأتي مع هذه السلطة القوية التي يمتلكونها، حتى لو كان هذا يعني الاستعانة بملايين من المشرفين للتحقق من المحتوى المنشور، وإزالة الأكاذيب والكراهية، فليكن. ولا يمكن لهذه الشركات ادعاء الفقر؛ لأن تلك الشركات قيمتها بالمليارات.

ولفت الكاتب إلى أهمية كسر احتكار الشركات الكبرى للمعلومات عبر إصدار تشريعات تمنح المواطنين حق التبرع ببياناتهم لمنظمات أصغر، وبهذه الطريقة تكون هذه المنظمات الصغيرة أكثر قدرة على التنافس مع عمالقة التكنولوجيا، التي وصفها بآلات الكذب.

وأشار إلى ضرورة التعاون بين الحكومات حول العالم، إضافة إلى دعم المعلنين، الذين سيكون عليهم سحب جنيهاتهم ودولاراتهم من الشركات التي تمنح منصة لنشر الكراهية.