د. نورة عبدالله الهديب

من المواضيع الراقية التي يطرحها البعض على منصة تويتر ما يجعلنا نتوقف عندها لنتأمل جمال محتواها الذي يجبرنا على إعادة التفكير فيها. وكالعادة، فإن المفكرين والمهتمين بكل ما هو جديد يستخرجون الفكرة من موقف عابر أو كلمة صادقة يجعلهم يطرحون التساؤلات المثيرة التي تحرك العقول المفكرة. على سبيل المثال، طرح الأستاذ المبدع عادل البسام في حسابه بتويتر تساؤلات حول ماهية الإلهام ومصدره وعلاقته بالموهبة وغيرها من الأسئلة التي ألهمتني لأن أجتهد في الكتابة عن الإلهام.

أعتقد علينا أولا أن نعرف معنى الإلهام، شخصيا أرى أن الإلهام مجموعة من الصور الذهنية أو العاطفية الصادرة من موقف أو شخص معين ينتقل تأثيرها كالطيف ليلتقطها الواعي من البشر ويحسن تسخيرها لما يتوافق مع شغفه واهتمامه. حيث إن هذه الصور تجد ما يلامسها في ذهن أو عاطفة اللاقط لها لتتكون صورة مختلفة في العقل لتنتج رؤية جديدة ومميزة تجبر صاحبها على التوقف عندها إما للتأمل أو التفكر فيها ومحاولة استخراج صورة مطورة وإبداعية للمنفعة الشخصية أو العامة. وأرى أيضا أن بعض العلماء والمفكرين والفلاسفة قد استلهموا نتائجهم المعرفية والعلمية من المحيط الخارجي.

أيضا من ضمن الأسئلة التي طرحها الأستاذ عادل، هل الإلهام متاح للجميع؟ وهل له عمر زمني؟ وما الفرق بين الإلهام والإبداع؟. نعم، أعتقد أن الإلهام متاح للجميع ولكنه يحتاج الى إنسان مطلع ومغامر لأن التقاط الصورة الذهنية أو العاطفية (طعم) من مصدرها تحتاج إلى يقظة وسرعة بديهة من (صيادها). ولا أعتقد أن للإلهام عمرا زمنيا لأن الطفل يستلهم من الكبار بعض أفكاره أثناء اللعب وكذلك الكبار في مجالاتهم المختلفة وعلى مستويات متنوعة، وما الإلهام إلا سبب للإبداع وهنا يكمن الفرق.

أثناء دراستي لمرحلة الدكتوراه كان الأساتذة الأكاديميون يحرصون على ذكر مصادر الإلهام لأطروحاتهم وكيفية تأثير العلماء الذين استلهموا منهم إبداعهم في مسيرتهم الأكاديمية. ففي كل نقاش أو مؤتمر كان من الواجب على المستلهم ذكر فضل الملهم وتأثيره على رحلته المعرفية والعلمية.

ولأن موضوع الإلهام يطول الحديث عنه والبحث فيه، فإني أعتقد أن هناك شروطا معينة ومستويات مختلفة على الإنسان استيعابها. ومنها ما يتعلق بالعقل كالقدرة على الخيال الواسع وسرعة الربط والاستنتاج وصفاء الذهن واتساع مدارك العقل بتنشيط وظائفه. أما بالنسبة للقلب، فإن الشغف والاهتمام بالفكرة والتعلق بها من الأمور التي تساعد عاطفة الإنسان على التقاط طيف الإلهام من الخارج.

في النهاية، ولأني مهتمة بالطفل فإننا يجب علينا أن نراعي ماهية وكيفية ومحتوى ما نقدمه لطفل المستقبل. فالحذر والدقة والإتقان أمور تفصيلية يهتم بها الطفل وعلينا أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار. فشكرا للأستاذ عادل البسام الذي ألهمني هذا الموضوع لعلي أنتج منه محتوى نافعا لأطفالنا مستقبلا.

FofKEDL@