صفاء قره محمد - بيروت

تايلور: التنظيم الإرهابي يخزن «نيترات الأمونيوم» بأكياس طبية حول العالم

«شاء من شاء وأبى من أبى»، «حزب الله» هو المسؤول الأول عن مجزرة بيروت، لم يسقط مرفأ بيروت ولم يتحطم الحجر، لم يفد اللبنانيون وطنهم بأولادهم وأطفالهم، فحسب، بل إن تفجير 4 أغسطس قتل كل الشعب اللبناني، قتله قلبا وروحا وزاد الغضب على «حزب الله» ومناصريه. الغضب على هذا الحزب الإرهابي لا يشبه أي وقت مضى، وأمام السلطة السياسية الحامية لنشاطاته الإرهابية خيار واحد ألا وهو الانسحاب من المشهد السياسي، وهذا ما سيترجم في الأيام المقبلة.

لبنان دخل مرحلة جديدة عنوانها إما الانتهاء من وجود «حزب الله» وسلاحه في لبنان أم انتهاء وجود لبنان، فلم يعد يصلح أبدا أن يبقى هذا الحزب الميليشياوي يسيطر على لبنان ويحكمه، خصوصا بعدما تسبب سلاحه ومشروع ولاية الفقيه بمحو نصف بيروت عن الخارطة، مخلفا وراءه مئات القتلى وآلاف الجرحى وخسائر فادحة بالممتلكات. اليوم زمن الأفعال وليس الأقوال وما قبل 4 أغسطس ليس كما بعده.

154 قتيلا

أعلن وزير الصحة اللبناني حمد حسن أن عدد الضحايا ارتفع إلى 154، وأن عشرين في المائة من الجرحى البالغ عددهم زهاء 5000 احتاجوا إلى الاستشفاء، أما الحالات الحرجة فعددها 120 خصوصا أن الزجاج المتطاير أدى الى إصابات بليغة تحتاج إلى عمليات جراحية دقيقة.

وفي سياق متصل، علمت «اليوم» أن «عدد الموقوفين بملف انفجار مرفأ بيروت ارتفع إلى 19 شخصا حتى الآن».

عملية أمنية

ويوضح الصحافي والمحلل الساسي يوسف دياب، في تصريح لـ«اليوم»، أن «كل المعلومات الأمنية ومعلومات الخبراء تؤكد أن هذا الانفجار لا يمكن أن يكون حصل نتيجة حريق أو خطأ فني، الأرجح أن هنالك عملية أمنية قد حصلت بالقرب منه، او خرق أمني، أي أحد تسلل وتمكن من التفجير حتى حصل الانفجار الصغير وتلاه الانفجار الكبير، إما أن هنالك عملية جوية أي أنه قصف بصاروخ جو- أرض أدى إلى تفجير هذا المخزن بشكل أساسي».

ويرجح دياب «الفرضية الأمنية وهذا الأمر ستكشفه التحقيقات إن كانت هذه الحكومة تسمح بإجراء تحقيقات شفافة وبمشاركة خبراء دوليين، هنالك خبراء فرنسيون يعملون، وهذا الأمر يتوقف على ما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستوافق على لجنة تحقيق دولية أم لا، إذا كانت لن توافق فيعني أن هنالك أمرا تسعى إلى إخفائه».

ويقول دياب: «إن انفجار بيروت شبه زلزال، وهو ثالث أكبر تفجير في تاريخ العالم بعد هيروشيما وناغازاكي، وأن هذه المواد تعود إلى جهات حزبية خصوصا أنه في المخزن لا يوجد فقط نيترات الأمونيوم بل هنالك مواد متفجرة أخرى وضعت في العنبر رقم 12، وهذا يعني أنه استعمل كمستودع أي تأخذ منه مواد وتضاف أخرى وهذا يعني أنه يعود إلى «حزب الله» أو إيران أو جهات حزبية أخرى، وهذا ما يبرر لم هذه المواد لها العديد من السنوات في العنبر رقم 12 ولا أحد تمكن من إزالتها».

نظام جديد

وحول كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نظام جديد، يضيف المحلل السياسي:«لا أعلم إن كان بمقدور ماكرون أن يقنع الأطراف اللبنانية بنظام جديد، إلا إذا كان يحمل رسالة دولية بضرورة تغيير النظام في لبنان، إلا أنني اعتقد أن حزب الله بالإضافة إلى أطراف أخرى في البلد ترفض التخلي عن المكاسب التي حققتها، إلا إذا حصل تدخل دولي كبير ليس في لبنان فحسب بل إيران ايضا»، متسائلا «هل ماكرون نقل هذه الرسالة»، لافتا إلى أن «اللغة الديبلوماسية التي تحدث فيها في المؤتمر الصحافي لا توحي بذلك، بل حاول ماكرون أن يقنع الأطراف اللبنانية بالدخول في إصلاحات وتغيير السلوك وتقوية الدولة واعتقد ان هذا الأمر لن يحصل طالما حزب الله يسيطر على قرار الدولة اللبنانية».

وعما إذا كنا أمام بداية نهاية «حزب الله»، يجيب دياب: «لا اعتقد أن هذا الأمر سيحصل إلا إذا حصل أمر كبير كعمل عسكري أو ضغط على إيران وإجبارها على دفع حزب الله لتقديم تنازلات ولهذا أعتقد أن المرحلة المقبلة قادمة على تطورات كبيرة».

بداية نهايته

ويؤكد أن «حزب الله اليوم يستشرس من أجل البقاء في السلطة، لأن أي معادلة جديدة هي بداية لنهايته، لهذا لو كان الحزب يعتقد أنه بإمكانه استبداله بحكومة سياسية له دور فيها أو تمثيل بسيط فيها لن يتردد أبدا، لكن اليوم كل الطروحات الموضوعة على الطاولة هي حكومة من خارج النادي السياسي القائم، بل المطلوب هو حكومة حيادية وستكون منفتحة على الدول العربية وخصوصا الخليجية والمجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وتقضي على كل نظرية حزب الله بالتوجه نحو الشرق، هذا الأمر يتناقض مع أدبيات حزب الله ومشروعه، ولهذا لا يمكن أن يسلم رأسه دون مقابل».

بهاء الحريري

وأشار نجل رئيس حكومة لبنان الأسبق بهاء الحريري، إلى أنه «من الواضح تماما أن حزب الله هو المسؤول عن الميناء والمستودع، وكل شخص في المدينة يعرف أن حزب الله يسيطر على مرفأ ومطار بيروت وأنه من غير المعقول أن السلطات لا تعرف أن نترات الأمونيوم القاتلة مخزنة في مستودع هناك».

وأضاف الحريري في حديث لصحيفة «ديلي ميل»، إن «السؤال الذي يجب أن نطرحه هو كيف سمح لهذه المادة القابلة للاشتعال ولمدة ست سنوات أن تبقى في قلب هذه المدينة التي يسكنها مليونا شخص»، لافتا إلى أنه «لا شيء يدخل ويخرج من الميناء أو المطار من دون علمه، لا شيء، وكان قرارهم بوضعها في وسط مدينة يسكنها مليونا شخص كارثة مطلقة، فأصبح الآن لدينا مدينة مركزية مدمرة».

منظمة إرهابية

وتابع: «لا أستطيع التكهن بالأحداث الدقيقة التي وقعت بالميناء في ذلك اليوم بالتحديد، لكن حزب الله منظمة إرهابية معروفة وأعتقد أنه كلما ألحقوا المزيد من الدمار كان ذلك أفضل حالا لهم».

وشدد على أن «علاقتهم التكافلية مع الحكومة تمنحهم الثقة الكاملة لفعل ما يريدون. فلا يمكنك أن تثق في الحكومة أو حزب الله لإجراء تحقيق سليم، لذا نحن بحاجة إلى تحقيق دولي عاجل في هذه المأساة، كما أن هناك علاقة مفلسة بين هذين بحيث يجب عليهما التنحي. إن التاريخ أثبت أن أمراء الحرب لا يبنون بلدا، بل يسيئون معاملته ويستبيحون حرمته. نحن بحاجة إلى تحويل لبنان من دولة إلى أمة».

مظاهرات في بيروت

ومساء أول أمس، تظاهر عدد من المحتجين في بيروت بساحة رياض الصلح وقرب مجلس النواب حيث هناك محاولات لإزالة البلوكات الإسمنتية وسط صيحات الغضب والدعوات لاستقالة الحكومة ومحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت. وحصل اشتباكات بين المتظاهرين ومكافحة الشغب أمام مجلس النواب ما أدى إلى اصابات بين المحتجين.

ونتيجة إلى توتر الوضع، استقدمت القوى الأمنية تعزيزات إلى ساحة الشهداء. وأشعل المتظاهرون في وسط بيروت النيران وأحرقوا الألواح الخشبية واللوحات الإعلانية، في ظل صيحات الغضب ورشق الحجارة باتجاه القوى الأمنية.

نيترات الأمونيوم

بدورها، أوردت «دراسات في الصراعات والإرهاب»، وهي دورية أكاديمية رصينة صادرة عن دار «فرانسيس اند تايلور»، بحثا بقلم الأمريكيين ايون بوب وميتشل سيلبر، جاء فيها أن «حزب الله» أجرى مرارا، وعبر قارات مختلفة، نوعا من التخطيط اللوجستي المتقدم من خلال تكديس مخزونات كبيرة من أكياس ثلج (الإسعافات الأولية) غير المؤذية، والمليئة بنيترات الأمونيوم.

وأضافت الدراسة: «ثبت أن هذه الخطوة يتميز بها حزب الله لتخزين المتفجرات حول العالم، وذلك حسب ما بدا جليا من خلال إحباط عمليات للحزب في تايلند وقبرص والمملكة المتحدة». وتابعت: «كانت المرة الأولى التي قام فيها حزب الله بتخزين نيترات الأمونيوم في أكياس ثلج الإسعافات الأولية في تايلند في 2012».

تقارير أمريكية

وصفت تقارير أمريكية أن نيترات الأمونيوم هي سلاح «حزب الله»، فلقد أطلق «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» خريطة تفاعلية حول أنشطة «حزب الله» الإرهابية حول العالم في اليوم نفسه لإنفجار المرفأ الذي تعرضت فيه بيروت لأضخم انفجار في تاريخ الجمهورية اللبنانية. وشاءت الصدف أن يرد في النص الذي قدم الخريطة، أن فيها «معلومات جديدة عن لوجستيات (الحزب) بالتفصيل، مثل طرق السفر التي سلكها عناصر (حزب الله) داخل بلغاريا وخارجها في يوليو 2012 لتفجير حافلة بورغاس، واسم الأستاذ اللبناني الفرنسي الذي تفيد الشرطة القبرصية بأنه اشترى المنزل الآمن حيث كان حزب الله يخزن عبوات نيترات الأمونيوم لإنتاج المتفجرات».

نيترات الأمونيوم هي المادة التي أوردت التقارير في بيروت بأن 2700 طن منها كانت مخزنة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وهي التي أدى انفجارها إلى «بيروتشيما»، نسبة لضخامة الانفجار وتماثله مع إلقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية.

اللبنانيون يطالبون بحكومة منفتحة على الدول العربية والخليجية

بهاء الحريري: حزب الله منظمة إرهابية يسيطر على المرفأ والمطار

لا ثقة بأي إجراءات للحكومة ونحتاج إلى تحقيق دولي عاجل