د. عبدالوهاب القحطاني

يسعى بعض الشركات إلى تكوين تكتلات كبيرة تساعدها على المنافسة في الأسواق العالمية من خلال الاندماج أو الاستحواذ أو كليهما لتحقيق هذا الهدف. الاندماج بشكل عام يكون من خلال انضمام شركتين أو أكثر لتشكيل كيان جديد متآزر يكسبها القوة التنافسية بينما الاستحواذ يكون بشراء شركة لأخرى، بحيث ترى الشركة المستحوذة فرصة استثمارية في الشركة الأخرى المستحوذ عليها.

وبالطبع فإن لكل من الاندماج والاستحواذ فوائده ومخاطره، حيث شهدنا الكثير من الشركات العالمية المندمجة والمستحوذة والمستحوذ عليها تفشل في تحقيق الأهداف المأمولة وبالتالي تفشل أمام الكثير من الأحداث والمخاطر المحيطة بها. ليس بالضرورة أن يكون كل اندماج أو استحواذ ناجحا إلا إذا توافرت له الظروف المناسبة. لا بد للشركات المندمجة من توفير البيئة والظروف المناسبة لنجاحها، كما أنه لا بد للشركات المستحوذة على شركات أخرى من تقييم فوائد ومخاطر الاستحواذ ومدى توافق عدة عوامل في الشركتين المستحوذة والمستحوذ عليها ليتحقق الهدف من الاستحواذ.

ولتقييم مؤشرات نجاح الاندماج أو الاستحواذ يجب تحليل الرسالة المؤسسية وكذلك الرؤية والقوائم المالية للشركتين المندمجتين أو الشركتين المستحوذة والمستحوذ عليها لمعرفة مدى انسجامها لأن ذلك ضروري للنجاح. إن تعارض أو عدم انسجام الرسالة والرؤية لا يساعد على الاندماج الهادف والفعال، بل يساهم في فشل الاندماج وكذلك الاستحواذ. إذن الانسجام في الثقافة والرسالة والرؤية المؤسسية شرط أساسي في نجاح الاندماج والاستحواذ.

التخطيط الإستراتيجي الصحيح في الشركات المندمجة والمستحوذة والمستحوذ عليها أمر في غاية الأهمية، وكذلك خطط النمو والتوسع التي تبنى على الرؤية والرسالة المؤسسية. ومن الأهمية أن تنسجم خطط النمو والتوسع مع الإمكانيات المالية والبشرية والتقنية للشركات الداخلة في الاندماج والاستحواذ لأن المبالغة في الفوائد المحتملة قد تؤدي إلى فشل الاندماج والاستحواذ.

تلعب الثقافة المؤسسية دورا مهما في نجاح الاندماج والاستحواذ، لكن تنافر الثقافة المؤسسية للشركتين المندمجتين أو الشركة المستحوذة والشركة المستحوذ عليها قد يكون من أهم الأسباب في الفشل، خاصة في حالات الاندماج. أما حالات الاستحواذ فإنه من الطبيعي أن تسيطر ثقافة الشركة المستحوذة على ثقافة الشركة المستحوذ عليها، بحيث تقوم الشركة المستحوذة ببرامج تهدف إلى تعليم وتدريب من يتبقى معها من موظفي الشركة المستحوذ عليها لتبني ثقافة الشركة المستحوذة.

تعد إدارة الشركات المندمجة من أهم أسباب النجاح عندما يكون الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدا عن تضارب المصالح والأهداف، لذلك فإن التنافر بين الموظفين من جهة والهيئة الإدارية التنفيذية من جهة أخرى من أسباب فشل الشركات المندمجة لأنها قد تدخل في صراعات تنظيمية تستنزف المال والجهد والوقت المتاح للإنتاجية.

إن الرقابة والتحكم وقياس الأداء ضرورة لنجاح الاندماج والاستحواذ، وذلك لعلاقتها بالكفاءة الإنتاجية وما يتبع ذلك من متغيرات ذات أهمية في تصحيح أي انحراف سلبي قد يطرأ في الأداء قبل بلوغه تكلفة عالية تؤثر في الإيرادات والأرباح. وبلا شك فإن التصحيح المبكر للانحراف السلبي في الأداء يقلل من الآثار السلبية على الشركتين المندمجتين أو الشركة المستحوذة.

الخلاصة من الأهمية تفادي العوامل التي تؤدي إلى فشل الاندماج والاستحواذ حتى لا يكون لها أثر سلبي على الاقتصاد من خلال التعثر والإفلاس اللذين يؤديان إلى ضياع أموال المستثمرين سواء كانت شركات عائلية أو شركات مساهمة.

@dr_abdulwahhab