فهد سعدون الخالدي

نردد جميعا كلمة المواطن والمواطنة، ونقرأها ونسمعها في وسائل الإعلام ويتكون لدى الكثير منها تصورات عن معنى المواطنة قد لا تكون هي نفسها عند الكثيرين، وبالطبع فإن مفهوم الإنسان عن المواطنة وفهمه الخاص لهذا المصطلح، يؤثر بلا شك في أفكاره وتصرفاته بما في ذلك فهمه لما يترتب عليه من حقوق، وما يحق له من واجبات تجاه الوطن. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن المواطنة هي أن تأخذ كل ما تريد فإنها لدى البعض الآخر فهم للحقوق وفهم للواجبات أيضا، فالأمر كما هو معروف في تعريف المواطنة كما جاء في كثير من المصادر العلمية هو علاقة تبادلية فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، وهو الفهم الأكثر صحة لهذه العلاقة، والذي ينبغي أن تكون عليه، بل إنه من المطلوب أن يتمتع الإنسان بالمواطنة ثم يتصف بالوطنية وهي شيء عاطفي لها علاقة بما يحس به المواطن تجاه وطنه، والرابطة الشعورية التي تشده إلى هذا الوطن، وأكثر ما تتجلى هذه المشاعر في الأزمات، أو عندما يبتعد المواطن عن وطنه الذي يحبه، وينتمي إليه، فالفرق إذن واضح بين المواطنة التي هي علاقة تبادلية، والوطنية التي هي حالة شعورية عاطفية، وإحساس فطري موجود لدى الإنسان وتتجلى هذه الوطنية في الولاء والانتماء وهما والحمد لله من الصفات الحميدة التي تغلب على مجتمعنا، وقد ساعد على تقويتها، وتأصيلها في نفوس الناس تمتعهم بحقوقهم، وحرص الدولة على توفير سبل العيش الكريم لهم في سائر المجالات، وقد أكد ذلك الإجراءات التي اتخذتها وما زالت تتخذها منذ انتشار وباء كورونا سواء على الصعيد الصحي والاحترازات والإجراءات الكفيلة بمحاصرة الوباء، أو الاقتصادي بالقرارات التي عملت على تخفيف آثار الجائحة على المواطنين والمقيمين وغيرها من الإجراءات التي ما زلنا نسمع المزيد منها كل يوم، ونستطيع أن نرى هذه الجهود والإجراءات على حقيقتها عندما نرى آثار هذه الجائحة على دول العالم القريبة والبعيدة، وكيف أنها كانت لدينا أقل الآثار السلبية، وكذلك الأمل الأكيد بأن أية إجراءات مؤقتة سوف تذهب آثارها بانتهاء الجائحة لتعود الأمور كما كانت دائما أفضل والحمد لله، لأن ذلك هو المتوقع، لا سيما وأن هموم المواطن تجد من يعيشها، ويهتم بها، ويعمل على تخليصه منها. ولا شك أن للمؤسسات الإعلامية والتعليمية بكافة أنواعها دورا هاما في ترسيخ المفهوم الحقيقي للمواطنة وللوطنية أيضا في أذهان المواطنين وأفكارهم، خاصة على ضوء الدور المتزايد تأثيرا لدور التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال ، إضافة إلى تأثر التعليم بهذه التقنيات التي شكلت تحديا للتعليم بمستوياته العام والجامعي، جعلته يقبل على استخدامها في عملية التعلم وتطويعها لتحقيق أهدافه، الأمر الذي يؤكد أن التعليم الذي يوظف هذه التقنيات يغدو أكبر أثرا وأنجح في تحقيق أهداف التعليم، لكونه يستجيب لتحدي التشويق وتعميق الفهم الذي يتوافر في تقنيات الاتصال الحديثة وصولا إلى الفصول الذكية والتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد الذي ساهم في حل مشكلة توقف المدارس والجامعات عن استقبال الطلاب أثناء تفشي كورونا، مما حد من الخسائر والنتائج السلبية لانقطاع الطلاب عن مدارسهم، وهي تجربة مرشحة لتصبح أكثر عمقا ومراسا ونفعا على ضوء الضرورة والحاجة التي اقتضتها ثم دفعت المختصين لتحسينها وتطويرها وتعظيم فوائدها، ولا شك أن دعم الانتماء الوطني يظل مهمة مشتركة للإعلام وللتعليم باعتبار أن وظيفة كل منهما إحداث تغير في سلوك الأفراد، وهي مهمة ذات صلة بالعقيدة الإسلامية التي هي أساس الانتماء ثم المشاعر الفطرية التي تتولد لدى الإنسان نحو بلده الذي عاش فيه، وقد عبر عن ذلك القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى: «لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، وعند النظر إلى وطننا الذي ننتمي إليه فإننا نجد أبناءه والحمد لله يتميزون بمبادئ عظيمة توارثوها، وتقوم على حب هذا الوطن، والتمسك به، والدفاع عنه، وتربط بينهم منذ جمع الله كلمتهم على راية التوحيد الأخوة الصادقة التي ستظل -بإذن الله- صمام الأمان لوحدة الوطن، والمحافظة عليه، ووضوح الرؤية سواء حول المواطنة أو الصورة الصحيحة للحقوق والواجبات والوطنية التي هي إحساس كل مواطن صادق بالانتماء والفطرة نحو وطنه وأمته.

@Fahad_otaish