د. جاسم المطوع

هل الخيانة الزوجية تقع مرة واحدة أم عدة مرات؟ وهل من يخون مرة واحدة بالضرورة أن يكرر الخيانة أكثر من مرة؟ كثيرا ما يعرض علي هذا السؤال والجواب عليه كالتالي، هناك فرق بين خيانة الرجل وخيانة المرأة، ففي الغالب خيانة الرجل عبارة عن احتياج لتفريغ شهوته أو يكون لديه ماض لم يستطع التخلص منه، ولكنه بعد الزواج استمر بالخطأ كما لو لم يكن متزوجا، أما خيانة المرأة فإما تكون انتقاما لزوجها أو خيانة عاطفية في الغالب.

فالزواج أساسه سكن وراحة ورحمة ومودة والتزام وصدق بالعلاقة واحترام وعدم خيانة، ولهذا سمى الله تعالى عقد الزواج (بالميثاق الغليظ)، لأن فيه التزامات أخلاقية وقانونية واجتماعية وصحية ودينية كثيرة، فهو ليس مثل أي عقد في الحياة، ولهذا فإن الخيانة تصبح معصية كبيرة إذا وصلت للزنا، أما إجابة السؤال من يرتكب الخيانة يرتكبها لمرة واحدة أم يكرر ارتكابها؟، فالجواب متوقف على ثلاثة أمور، الأول تربية الإنسان وأخلاقه والثاني علاقته مع ربه والثالث ماضيه قبل الزواج، فأما الأول فبعض الأشخاص يقعون بالخطأ ولا يكررونه لأنهم تربوا تربية سليمة على المبادئ والأخلاق والقيم، والثاني يكون المانع من التكرار أن المخطئ تاب واستغفر وعاهد الله أن لا يرجع للمعصية مرة أخرى، والثالث أكثر الذين ليس لهم ماض في ارتكاب الزنا ويخطئون لا يكررون الخطأ مرة أخرى لأن الخطأ قد يكون هفوة أو نزوة أو تجربة،

وفي كل الأحوال سواء ارتكب الخطأ مرة أو مرات يستطيع المخطئ أن يتوقف ويضبط شهوته ويقوي علاقته مع ربه ويشغل نفسه بما يفيد، فالرجل دائما يريد أنثى بقربه حتى يستقر ويرتاح والمرأة في الغالب تحب أن يكون لديها رجل في حياتها تستند عليه وتستقر معه، فهذه هي سنة الحياة أن يجتمع آدم مع حواء، ولكن الأخطاء ترتكب بالخيانات لأسباب كثيرة منها أن يبحث الرجل عن أنثى خارجية بسبب فقد الجانب الأنثوي في زوجته، والمرأة تبحث عن عاطفة خارجية بسبب احتياجها للعاطفة من زوجها الذي أهملها وتركها، وهذه من أكبر أسباب الخيانات التي رأيتها، فكل واحد يبحث عما يشبعه خارج بيته، وإذا خان أحد الزوجين بدأت معركة التحدي بينهما، فالرجل يتلاعب بحيل ذكية حتى لا تكتشفه زوجته، وهي تتفنن في التجسس والمراقبة عليه حتى تصطاده بجرم مشهود، ويضيع الوقت وتتدمر العلاقة وتهدم الأسرة فيحزن الجميع ويفرح ابليس بتفكك الأسرة.

ولعل السؤال الملح دائما في حالة اكتشاف الخيانة الزوجية هل نطلب الطلاق أم لا؟ والجواب على هذا السؤال أننا لا بد أن نفرق بين من يرتكب الخطأ وهو مصر ومعاند على الاستمرار فيه، وبين من يعتذر ويلتزم بعدم تكرار الخطأ، لا شك أن هناك فرقا بين الحالتين، ومن الطبيعي أن يكون فرق بين ردات الفعل، ومهما كان العذر منطقيا فهو عذر لا يبرر الجريمة، فأذكر أن رجلا اعترف لي بأن سبب ارتكابه للزنا أن زوجته قوية في البيت وهو يراها مفيدة لأولاده ولكن لا يشاهدها كأنثى تلبي رغباته وحاجاته فكان يبحث عن امرأة ضعيفة، وامرأة أعترفت لي مرة أن سبب ارتكابها للخطأ كثرة انشغال زوجها وإهمالها، فعلى الرغم من أهمية التبريرات إلا أنها لا تبرر أو تشرع قبول الخطأ أو ارتكابه ويبقى الزنا جريمة وكبيرة من الكبائر إلى يوم القيامة مهما كان الدافع والمبرر له، فالزنا يجعل مستقبل العلاقة دمارا في الدنيا والآخرة قال تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا).

@drjasem