ناصر صالح الشهري

كتبت ذات مرة عبر معرفي في موقع «تويتر» ثلاث تغريدات كان أبرزها جملة «لا تعتقد أن» وكانت تحمل في كل مرة تعبيرا مختلفا وجدت من خلالها تفاعلا جيدا أعطاني تصورا جميلا بأن الأغلب يدرك بأن ما نملكه كأفراد وأشخاص يختلف عن غيرنا ولو تشابهت الظروف وبما نملكه بالأساس.

غردت عن الحياة بأنها ستمضي بك أو بدونك ولكن البصمات الجميلة والمعروف يبقى للأبد، لا تعتقد أنك الوحيد في الكون فهناك الكثير، تذكر أن الحياة لا تقف على عتبة أحد.

وغردت ثانية عن أنه ليس عيبا أن تعترف بأنك على خطأ ولكن العيب إصرارك على تكرار هذا الخطأ مرات ومرات، وكل ما في الأمر ألا تعتقد بأن هذا الاعتراف سيقلل من شأنك!

وأما التغريدة الثالثة فكانت في زمن جائحة كورونا المستجد «كوفيد 19» عن مقدار تفاوت الفهم والإدراك لحجم الجائحة وخطرها، فقلت: لا تعتقد أن الجميع مثلك يملك الجهاز الجديد والإنترنت المتواصل، ولا تعتقد أن الجميع مثل وعيك وفهمك لكل ما يتم النصيحة به، لا تعتقد أن الجميع يدرك خطورة الفيروس. ولذلك وبعد كل هذه التوضيحات إن رأيت أحدا لا يلتزم فانصحه بأدب وهدوء فهذا واجب على كل متعلم ومدرك ومطلع.

ما يقلقني تلك الفئة التي جعلت الاعتقاد لديهم حقا لا يمكن تغييره مهما كان خاطئا وتوسع الأمر إلى تبني البعض هذه الفكرة وجعلها مستحيلة التغيير، والكثير من هذه المعتقدات مهما كانت يتم اكتسابها بطرق كثيرة منها على سبيل المثال ما نكتسبه من مجتمعنا أو من عوائلنا أو أعراقنا المختلفة كبشر على هذه الكرة الأرضية، ولكنها تحتمل الصواب والخطأ، وقد قيل إن الاعتقاد انعكاس لعلاقة عقلك بالواقع.

يقول الفيلسوف البريطاني «وليام كليفورد»: من الخطأ دائما، وفي أي مكان، ولأي شخص أن يعتقد في أي شيء دون أدلة كافية. وهذه الكلمات من هذا الفيلسوف توضح لنا جميعا قاعدة بسيطة لا يمكن نسيانها أن الأدلة الكافية هي الحكم في المعتقدات إلا بالطبع ما نصت عليه الشريعة الإسلامية والسنة النبوية فلا جدال فيها لأنها حملت ما يوافق العقل والمنطق وربما أكبر من ذلك بكثير.

وأخيرا ما أجمل الوسطية في كل معتقداتنا وأن نبني حياتنا على نشر المعرفة والخير بين الناس في أي أمر، فاعتقادنا اليوم بعظيم ما نملكه من تفكير وعلم لا يعني بالضرورة أن يكون لدى غيرنا بنفس الغزارة أو بسهولة حصولنا عليها، فقدرات الناس تتفاوت والعلوم والمعرفة والإدراك لا يمكن نشرها للجميع وفهمها «بعقلية» متساوية.

@Niizalshehri