د. بندر عبدالعزيز المنقور

لا شك أن عدد الحاصلين على شهادات الدراسات العليا قد ازداد بشكل ملحوظ في بلادنا بالرغم من أن طبيعة عملهم لا تحتاج إلى شهادات عليا؛ وهذا يؤدي إلى ضعف القيمة الفعلية للشهادة الجامعية بشكل كبير؛ فصارت قيمة شهادة الماجستير أقل بمراحل من قيمتها قبل عقدين من الزمن! فما هي الأسباب التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند التفكير بشأن مواصلة الدراسات العليا؟ لذلك أردت كتابة هذه المقالة لمن يخطط في مواصلة دراسته الجامعية؛ علّها تكون معيناً له في تقييم ظروفه الفردية الخاصة.

في نظري هناك عدة عوامل مهمة ينبغي وضعها في الحسبان، أولها: هل سيزيد المُرتب أم لا؟ فمن المتوقع أن غالبية حاملي الدراسات العليا يحصلون على رواتب أعلى من غيرهم -على الأقل نظرياً-، ثانياً: هل تفكر بشكلٍ قويٍ بالتغيير الوظيفي؟، فمن الأفضل البحث نظرياً عن الوظائف التي ستكون مرغوبة في المستقبل، ثالثاً وقد يكون الأهم في رأيي: لاحق شغفك، أشبع فضولك واهتماماتك، فمع الأسف كثير من الموظفين يعملون في وظائف غير مناسبة لهم بسبب ضعف التوجيه أو ضعف الوعي الكافي على تحديد مهاراتهم الذاتية وإمكاناتهم؛ الأمر الذي يؤدي إلى ضعف مستويات الأداء في العمل؛ ولذلك فإن متابعة شغفك هو أفضل مقياس لذلك، وأنا في رأيي الشخصي سيتحسن أداؤك وتتعلم أكثر عندما تتلاقى دراستك مع شغفك وأهدافك الشخصية.

ولكن متى يجب ألاّ تواصل تعليمك في الدراسات العليا؟ يعلم الجميع بأنه يمكن لأي أحد أن يتابع تعليمه مجاناً أو مقابل مبلغ زهيد؛ فهناك الكثير من المواقع التعليمية المجانية والمتاحة للجميع؛ فما الداعي إذن من الحصول على شهادات الدراسات العليا من دون الخبرة الكافية؟ إن كثرة الشهادات العليا قد ترغم الشركات على التركيز على الكفاءات والإمكانات بعيداً عن المؤهلات الجامعية الرسمية؛ فهناك فرق شاسع بين التنظير والتطبيق فعلياً.

وفي الختام: من الواضح أن اتخاذ قرار المواصلة في الدراسات العليا هو حتماً ليس بالأمر السهل؛ بل هو أمر يشوبه شيء من الغموض بسبب عدم ضمان وجود عائد بعد هذا الاستثمار العلمي، ويحتاج مثل هذا القرار الجرأة والمخاطرة.

balmangour@gmail.com