محمد مرعي العمري

يحار العقل السوي والمنطق القويم في فهم الدواعي التي أفرزت هذا الخور وهذا الهوان الذي يعصف بالأمة العربية في وقتنا الراهن، نتيجة لما رسخ في أذهان بعض قادة الأنظمة العربية الذين قذفت بهم الأقدار ليكونوا على هرم السلطة في أوطانهم أعتقادا منهم بأن التبعية للأعداء حتى لو كانت على حساب تخريب أوطانهم بأيديهم أو من خلال السماح للمستعمرين الجدد بأن يعيثوا تقتيلا وتنكيلا وتهجيرا بمواطنيهم وتقديمهم كقرابين للأعداء، كما يحدث في ليبيا والعراق وسوريا واليمن، بأن هذا العمل الدنيء هو الذي يقربهم زلفى إلى محرضيهم وبما يضمن لهم البقاء في مناصبهم، متناسين أن من سبقوهم ممن أوغلوا في دماء شعوبهم وخانوا ما ولاهم الله عليه وتآمروا على أوطانهم قد ذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وقد هلك بعضهم شر هلكة بعدما كان السيد المطاع والقائد المهاب عند شعبه. وأيضا تناسوا أن من يكون هذا صنيعه مع وطنه فإن العالم بما في ذلك أسياده وإن طبلوا له هم أول من يحتقره وأنه بمجرد أن ينهي الدور المعطى له سيقذفون به ليلحق بالخونة والعملاء.

والأمة العربية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وبعد جلاء المستعمر عن تراب الوطن العربي مرت بتقلبات عاصفة لكنها لم تمر بمثل ما تمر به في هذه الفترة الدقيقة والحرجة من تاريخها البئيس، فالحاضر المؤلم مليء بالخيانة والمؤامرات ولا أدل على ذلك:

من تابع يؤدي دور العمالة بإتقان لدولة المجوس في طهران وهي التي جعلت من الأسطوانة المشروخة شعارا لتحرير القدس، وهي تدنس الأرض العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن من خلال وكلائها الانبطاحيين كحزب الله الإرهابي في لبنان وأنصاره في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

أو من خائن جلب الأعداء القدامى ليعيدوا استعمار وطنه وأغدق عليهم خيرات بلاده كما يحدث من النظام القطري الخائن، حيث لم يكتف بلعب أدوار الخيانة والتآمر على عمقه الخليجي والعربي بل عمد إلى تسخير المقدرات والإمكانيات التي أودعها الله في باطن الأرض لصالح العلج العثماني، ليستعيد أمجاد الإمبراطورية الدموية لأجداده العثمانيين على حساب بعض البلاد العربية كما يحدث في شمال العراق وفي ليبيا بالمال القطري القذر. ومرد ذلك الخور والضعف إلى أن النظام العربي المهترئ قد بدأ أساسا نهوض ما بعد حقبة الاستعمار بخطوات متعثرة ونعرات قومجية قادها ذوو الفكر الأحادي فتوالت الانقلابات والثورات التى عانت منها الأمة بينما انصرف العالم إلى العلم والعمل والبناء.

ومما يحز في النفس أن التنمر الإيراني والتركي على العرب وعلى أوطانهم قد استشرى حتى جعل برلمانيي العرب في مؤتمرهم الأخير يختلفون على تحديد المغزى من اجتماعهم هل هو لإقرار إستراتيجية للتعامل مع إيران وتركيا؟؟ أم لمناقشة الإستراتيجية، وهذا ما طالعتنا به الأنباء، فهل أصحبنا غرباء في فهم واستخدام لغتنا، فإما أننا لا نجيد فهمها والتخاطب بها، أو أن الهوان قد انسحب على المؤتمرين فكتبوا العنوان نصا: (البرلمان العربي يقر إستراتيجية للتعامل مع إيران وتركيا)... ثم يكتب في صلب الخبر بالنص أيضا: وأكد أن البرلمان العربي (يناقش) مشروع إستراتيجية عربية موحدة للتعامل مع إيران وتركيا. وحتى من لا يتقن العربية يعرف أن البون شاسع بين مفردتي الإقرار والمناقشة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

خاتمة:

سئل هتلر: «من أحقر الناس الذين قابلتهم؟؟» فأجاب: «أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم».

Muhammad@408165Gmail.com