هناء مكي

كما هو متوقع بدأت تظهر نتائج انعكاسات إغلاق الأسواق العالمية وركودها شيئا فشيئا منتصف العام، عشرات الشركات العريقة أعلنت إفلاسها أو هي على وشك؛ بسبب ارتفاع حجم مديونياتها في السوق مع توقف أنشطتها؛ جراء ارتداد أزمة الإغلاق بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19).

فآخر الشركات التي أعلنت إفلاسها هي شركة (NPC) إنترناشيونال الأمريكية، على أثر ارتفاع مديونياتها إلى نحو مليار دولار؛ بسبب فيروس كورونا الذي أثر على رفع تكاليف الإنتاج في فترة الإغلاق.

وأكثر الشركات المتضررة هي من قطاع السياحة والضيافة والطيران بعد توقفها تماما، وكانت أول من أعلن إفلاسه هي شركة الطيران الأسترالية «فيرجن أستراليا» ولم تنجح جهود الشركة في الحصول على قروض حكومية لإنقاذها.

وتلتها ثاني أكبر شركة طيران في أمريكا اللاتينية وهي (شركة أفيانكا القابضة) التي أعلنت إفلاسها بعد أن وصلت مديونيتها إلى نحو 7.3 مليار دولار وهي الأخرى لم تحصل على مساعدة من حكومتها الكولومبية للخروج من أزمتها.

شركة الطيران البريطانية «فلايبي» كذلك لم تنج من الإفلاس بعد خسائرها المتتالية لتأتي أزمة كورونا وتقضي عليها، بل ولم تمد حكومتها البريطانية يد المساعدة ورفضت طلبها لقرض حكومي بقيمة (129 مليون دولار).

وآخرها كانت شركة الطيران المكسيكية «إيرو مكسيكو»، التي طالبت بإشهار إفلاسها في الولايات المتحدة بشكل طوعي بهدف إعادة هيكلة أوضاعها.

ولم يقتصر الأمر على شركات الطيران وقطاعه، فقد سطا على قطاع البيع بالتجزئة؛ بعد أن أعلنت شركة «جي سي بيني» إفلاسها بعد أن بلغت مديونيتها نحو 4.2 مليار دولار، وهي التي قضت نحو 118 عاما بالسوق، وبذلك فإنها تغلق أكثر من 800 متجر في أنحاء الولايات، وهناك أيضا شركات الملابس الجاهزة ممن أعلنت إفلاسها في أمريكا، ومن المرجح أن يرتفع العدد مع تهديد شركات عالمية في القطاع ذاته في بريطانيا وكندا.

وفي قطاع النفط أعلنت إحدى الشركات الأمريكية وهي شركة «تشيسابيك إنرجي»، التي تعمل في قطاع النفط الصخري، إفلاسها طوعيا بسبب معاناتها من المنافسة في هذا القطاع الذي زادت وطأته بعد انتشار الفيروس، وكشف لنا هذا الأمر جانبا من معاناة شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية التي أصابها فعليا الركود وفقا لبيانات السوق الأمريكية والسبب يعود بحسبهم لعملية إغراق السوق العالمية للنفط الخام ما تسبب في حدة المنافسة، وكذلك ارتفاع تكلفة استخراج النفط الصخري مقارنة بالنفط الخام.

للتوضيح إن جميع الشركات التي أعلنت إفلاسها لم تكن أزمة فيروس كورونا إلا القشة الأخيرة، إذ إنها لديها تاريخ مالي مترنح في الأساس، والمرجح أن تعيد تموضعها من جديد لتبدأ بقوة.

فالسوق في عصر كورونا مشابه جدا لجسم الإنسان الذي يحتاج لمناعة قوية لاجتياز المرض، كذلك الشركات في السوق تحتاج لملاءة قوية لتجتاز الفترة الصعبة، بل هي فرصة للكثيرين لاقتناص الفرص المتاحة والاستحواذ وإعادة الهيكلة والهيمنة على السوق.

hana_maki00 @