ترجمة: إسلام فرج

العلاقة بين قطر والحركة ساعدت على وجود تفاهمات تكتيكية مع طهران

وصف موقع «معهد الشرق الأوسط» علاقات إيران بجارتها أفغانستان بالمعقدة، في ظل الروابط والحدود المشتركة بين البلدين.

وبحسب مقال لـ «فيناي كورا»، وهو زميل غير مقيم بالمعهد، فإن محاولات طهران حماية مصالحها في أفغانستان التي تمزقها الصراعات لم تلق اهتمامًا كافيًا من العالم الخارجي.

ولفت إلى أن الطبيعة المعقدة لعلاقات إيران بأفغانستان تعود جزئيًا للنمط المتذبذب لتفاعلاتها مع الأطراف المعنية التي لديها إمكانية التأثير على التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مجتمع متنازع عليه بشدة، وفي كثير من الأحيان، يكون لهذه الأطراف مواقف متضاربة تجاه المجتمع الأفغاني.

ونوه إلى أن جزءًا آخر من علاقات إيران المعقدة بأفغانستان يعود إلى معارضتها المتواصلة للولايات المتحدة، التي تُعدّ شريكًا قويًا للنظام في كابول.

خلافات عقائدية

وتابع: لكونها دولة ذات أغلبية شيعية، امتلكت إيران تاريخًا طويلًا من الاختلافات الأيديولوجية والخصومة السياسية مع حركة طالبان الأفغانية. خلال حكم نظام طالبان المشؤوم في أواخر التسعينيات، دعمت إيران التحالف الشمالي المناهض لطالبان، وهو تحالف مكوّن من جماعات عرقية أخرى غير البشتون.

وأضاف: على الرغم من أن إيران احتفظت بقناة محادثات دبلوماسية خلفية مع الولايات المتحدة عقب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 لبحث كيفية إرساء الاستقرار في أفغانستان والقضاء على تنظيم القاعدة، لم تأخذ تلك المحادثات طابعًا رسميًا.

وأشار إلى أن أحد الأبعاد المهمة لفهم إيران للأزمة الأفغانية في الوقت الحالي مرتبط بكيفية تصورها لعلاقاتها مع واشنطن.

ومضى يقول: طالما كانت طهران تتبع سياسة تحوط محفوفة بالمخاطر في أفغانستان، حيث تقدم الدعم للحكومة الأفغانية ولطالبان في نفس الوقت على أمل أن إبقائهما منقسمتين للتأثير على التطورات السياسية بمجرد أن تسحب الولايات المتحدة قواتها.

وأردف يقول: في ضوء هذه السياسة المزدوجة والتي تبدو متناقضة، من الصعب تحليل نوايا إيران ونفوذها في أفغانستان.

وأوضح أن التقارب الحالي بين حركة طالبان وقطر ساعد كثيرًا في وجود تفاهمات تكتيكية بين إيران وطالبان، في ظل تحسن العلاقات بين الدوحة وطهران.

قبائل الهزارة

وتابع: يمتلك الهزارة الشيعة في أفغانستان روابط اجتماعية- ثقافية مع إيران. وخلال سنوات الحرب الأهلية الأفغانية، تطلع الكثير من الهزارة إلى طهران كثقل موازن لطالبان السنية. وتستضيف إيران أيضًا ملايين اللاجئين الهزارة الذين هربوا من الأوضاع المزرية في أفغانستان بحثًا عن حياة أفضل. وكانت هناك تقارير مؤكدة عن إرسال طهران للشباب الهزارة للقتال نيابة عن نظام الأسد في سوريا كجزء من لواء الفاطميين، وتحفيزهم بوعود الحصول على المال والإقامة الدائمة في إيران.

وأضاف: على الرغم من كونها معادية لطالبان تاريخيًا، يبدو أن طهران غيّرت لهجتها بناء على التفاهم بأن طالبان لن تضطهد الهزارة الشيعة، وحذت طالبان أيضًا نفس الحذو.

وأردف يقول: قبل المحادثات الأفغانية، بذلت طالبان كل جهودها لكسب الشرعية لدى الهزارة الأفغان، لدرجة تعيينها رجلًا شيعيًا من الهزارة حاكمًا للمقاطعة الشمالية.

طالبان وإيران

وأوضح أن محاولات طالبان ضم الأقليات العرقية في أفغانستان في ائتلاف جديد بكابول كان ينظر لها بطريقة إيجابية في طهران، مضيفًا «منذ بدء محادثات السلام مع الولايات المتحدة، ذهب عدة قادة بارزين في طالبان إلى طهران من أجل المشورة، وكانت إيران تحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع كل الأطراف المعنية الأفغانية تقريبًا».

ولفت إلى وجود تقارير عن أن الممثل الخاص لإيران في أفغانستان، محمد إبراهيم طاهريان، تعامل بصورة منتظمة مع القادة السياسيين لطالبان. كما أن عبدالله عبدالله، الرجل الثاني في الحكومة الأفغانية، تجمعه روابط تاريخية بإيران.

وأردف: في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها الخريف الماضي، عندما طعن عبدالله على النتيجة، أكد وزير الشؤون الخارجية الإيراني على الحاجة لإقامة حكومة شاملة، وهو ما يشير ضمنًا إلى ميل لصالح عبدالله. وباعتبار هذا التصريح علامة على التدخل، أدانت الحكومة الأفغانية المقترح الإيراني. وخفف عبدالله، ذو العرقية الطاجيكية، من حدة موقفه المعادي لطالبان منذ تقارب الجماعة مع طهران.

الحرس الثوري

ومضى يقول: في ظل أن القائد الجديد لفيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني كان مسؤولًا في السابق عن تعامل إيران مع أفغانستان، فإن هذا يعني مؤشرًا على أن قيادته للفيلق ربما تشهد تصعيد أنشطته في أفغانستان وباكستان.

وتابع: عقب اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان في فبراير، يقال إن بعض قادة طالبان الساخطين المرتبطين بإيران يحاولون تخريب جهود المفاوضات التي تهدف لإنهاء الصراع، وتحديدًا حزب ولاية الإسلام، الموجود حاليًا في إيران. وعلى الرغم من أن حجم نفوذ هذا الفصيل غير واضح، فإنه من ضمن عدد من فروع طالبان المرتبطة بطهران. وتوجد شائعات أيضًا بأن شبكة حقاني، المعروفة بروابطها القوية مع باكستان، تتقرب من إيران أيضًا. وأضاف: مع قرب انطلاق المفاوضات الأفغانية، يبدو أن طهران تجهز نفسها للعب دور حيوي. وحيث إن الولايات المتحدة واجهت في كثير من الأحيان مصالح إيران الأيديولوجية والجيوسياسية في الصراع الأفغاني، تحرص إيران على الحفاظ على توازن قوة في أفغانستان لصالحها فيما بعد رحيل الأمريكيين.

الوجود الأمريكي

ولفت الكاتب إلى أن إيران تحاول في الوقت نفسه التخفيف من حدة التقارير التي تتهمها بإساءة معاملة اللاجئين الأفغان، الذين يبلغ عددهم وفق بعض التقديرات حوالي 2.5 مليون لاجئ، حتى لا تتأثر جهودها لتوسيع نفوذها السياسي والطائفي والاقتصادي في أفغانستان.

وتابع يقول: لقد اعتبرت طهران التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان جزءًا من خطة لتطويق إيران. ومنحها هذا أساسًا مشتركًا مع طالبان، التي شنت حربًا على القوات الأمريكية في أفغانستان لعقود.

وأضاف: بالرغم من مصالحهما المشتركة المؤقتة، يظل محل جدال كبير ما إذا كان دعم طهران السري والعلني لطالبان سيكسبها أي نفوذ حقيقي في أفغانستان في المدى البعيد، خاصة بعد دمج طالبان في الهياكل الحاكمة الأفغانية. واختتم الكاتب بقوله: إن تحالف طهران وطالبان انتهازي وزواج مصلحة، ومن غير الواضح إلى متى سيستمر عندما يمتلك الجانبان خيارات أفضل.