ترجمة: إسلام فرج

أردوغان يخشى تورطه في قضية «بنك خلق» أمام القضاء الأمريكي

.

لا تخفي السلطات في تركيا سخطها الشديد من نشر كتاب جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، الذي حمل عنوان «الغرفة التي شهدت الأحداث» والصورة التي ظهر فيها أردوغان ونظام حكمه.

وبولتون لا يكنّ ودّاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك لرجب طيب أردوغان في سلوكهما السياسي ما لا يجب أن يكون، ولهذا كان مباشراً وحادّاً في توجيه الانتقادات، لاسيما أن أردوغان كانت له أكثر من سابقة في تعامله غير الودّي مع بولتون عندما رفض مقابلته أكثر من مرة على الرغم من كونه مبعوثاً رئاسيّاً وقطع الرحلة من الولايات المتحدة إلى تركيا من دون فائدة تذكر.

أردوغان متشدد

أردوغان من وجهة نظر بولتون وكما ورد في الكتاب ليس أكثر من إسلامي راديكالي (متشدد)، وأنه منخرط بتحويل تركيا من دولة علمانية إلى دولة إسلامية.

وكشف بولتون في كتابه الكثير من أسرار «المطبخ» الداخلي لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وموقفه من العديد من القضايا وطريقة تعامله غير الاعتيادية مع قضايا دولية حساسة ومعقدة.

وتحدث بولتون في الفصل السابع عن العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة خلال فترة وجوده في المنصب وكيفية تعامل ترامب مع الطلبات المتكررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول بنك خلق التركي وفتح الله غولن والمقاتلين الأكراد في سوريا.

ويقول بولتون إن ترامب مغرم بالزعماء السلطويين الأجانب أمثال بوتين وأردوغان وشي جي بينغ.

جهود ترامب

وبحسب مقال لـ«ديفيد اغناشيوس»، نشر في صحيفة «واشنطن بوست» يقول بولتون إنه حذر المدعي العام ويليام بار في أبريل 2019 من أن جهود ترامب المتكررة لمساعدة أردوغان أظهرت ميله إلى تقديم خدمات شخصية للديكتاتوريين المفضلين لديه.

ولفت إلى أن القصة التركية بدأت كالعادة بالمصالح التجارية الشخصية للرئيس الأمريكي، مضيفا «عندما تم افتتاح أبراج ترامب إسطنبول في أبريل 2012، كتبت إيفانكا ترامب تغريدة تشكر فيها الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، على الحضور. وكان بصحبتهم رجل أعمال تركي يُدعى محمد علي يالكيندانج، الذي وصفه ترامب في الافتتتاح بأنه صديق رائع لإيفانكا. وكان زوجها كوشنر حاضرا أيضا».

حماس لأردوغان

ونوه الكاتب بأن بعض مستشاري ترامب المقربين أظهروا نفس هذا الحماس تجاه أردوغان، مضيفا «خلال حملة 2016، تلقت شركة فلين للاستشارات، المملوكة لمايكل فلين المستشار السابق للأمن القومي، أكثر من 500 ألف دولار من رجل أعمال تركي كان يرأس اتحاد الأعمال التركي الذي تديره الدولة».

وتابع: «في يوم الانتخابات ذلك العام، نشر مايكل فلين مقالة افتتاحية تدعم حملة أردوغان ضد فتح الله غولن، رجل الدين الذي يعيش في الولايات المتحدة، والذي شبه فلين منظمته بشبكة إرهابية نائمة خطيرة. أراد أردوغان تسليم غولن، وكانت مقالة فلين على ما يبدو تمهد للأمر».

وأضاف: كان أردوغان مهووسا بقضية أمريكية أخرى، وهي تحقيق يجريه مكتب المدعي العام الأمريكي بالمنطقة الجنوبية لنيويورك عن بنك تركي يحمل اسم بنك خلق وتاجر ذهب تركي-إيراني هو رضا ضراب.

وأردف يقول: في مقال كتبته في أكتوبر 2017، كشفت مجموعة غريبة من الاجتماعات في 21 سبتمبر 2016، في نيويورك، عندما ناشد أردوغان وزوجته لإطلاق سراح ضراب في زيارات منفصلة إلى نائب الرئيس جو بايدن وزوجته جيل. أخبرني مسؤولون أمريكيون بأن أسرة أردوغان خشيت من تورط عائلة الرئيس التركي في تحقيق وزارة العدل.

برونسون وغولن

وأضاف: في أكتوبر 2016، ألقت حكومة أردوغان القبض على القس الأمريكي أندرو برونسون بزعم علاقته بغولن. أخبرني بعض المسؤولين الأمريكيين في ذلك الوقت أنهم يخافون من استخدام برونسون كورقة مساومة مقابل تسليم غولن.

وتابع: قدم انتخاب ترامب فرصة جديدة لأردوغان. وبالرغم من عزل فلين من منصبه كمستشار للأمن القومي في فبراير 2017، لكن أنقرة كانت لها قناة تواصل جديدة من خلال يالكيندانج، صديق إيفانكا ترامب، الذي تم تعيينه رئيسا للمجموعة التجارية المملوكة للدولة بسبب علاقاته الوثيقة مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

ومضى يقول: تسارعت الحملة لإنهاء محاكمة بنك خلق وتسليم غولن. في فبراير 2017، تواصل جولياني مع المدعي الأمريكي حينها بريت بارارا ليقول إنه سيسافر لأنقرة من أجل تمثيل ضراب. وبحسب بيان جولياني المقدم للمحكمة الفيدرالية، كان يضغط على وزارة العدل من أجل التوصل لاتفاقية بين الولايات المتحدة وتركيا لتعزيز مصالح الأمن الأمريكي.

وأردف: عزل ترامب بارارا عن منصبه في مارس 2017، لكن تحقيق بنك خلق استمر تحت إشراف المدعي الأمريكي الجديد، جيفري بيرمان، وهو ما أغضب أردوغان.

وأشار إلى أن برونسون ظل في السجن، وأراد ترامب إطلاق سراحه، لكن أردوغان كثف ضغطه عندما اتصل بترامب في يوليو 2018 وزعم بأن غولن كان مسؤولًا عن تحقيق بنك خلق أيضا.

بنك خلق

ونقل عن بولتون، قوله: لقد أراد إسقاط قضية بنك خلق، وهو أمر مستبعد الآن بما أن المدعين الأمريكيين تعمقوا في عمليات الاحتيال، التي يقوم بها البنك. أراد ترامب تحرير برونسون، ولم يحب أن يخضع للتهديد، لذلك أعلن أنه سيفرض عقوبات على تركيا.

وبحسب بولتون، اقترح مايك بنس، نائب الرئيس، أن يتصل كوشنر بوزير المالية التركي بيرات البيرق، صهر أردوغان.

وتابع بولتون: أحطت وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوشن عن قناة الصهر الجديدة، جرى إطلاق سراح برونسون في النهاية في أكتوبر 2018.

ولفت الكاتب إلى أن الرئيس الأمريكي كان مستعدا لعرقلة قضية بنك خلق عندما التقى بأردوغان في ديسمبر 2018، بقمة مجموعة العشرين في بوينس آيريس.

ونقل عن بولتون، قوله: أخبر أردوغان الرئيس ترامب أن البنك كان بريئا تماما، وحينها أجابه بأنه سيهتم بالأمر، موضحا أن مدعي المنطقة الجنوبية ليسوا من أتباعه، وإنما أتباع أوباما، وهي مشكلة سيحلها عندما يستبدلهم بأتباعه.

وأشار الكاتب إلى أن قضية بنك خلق مستمرة حتى الآن على الرغم من تطمينات ترامب للرئيس التركي.