حذيفة القرشي - جدة

أكد محللون اقتصاديون، أن الإدارة السلبية للسياسات الاقتصادية والنقدية لقطر وضعتها في مأزق، مما يعطي مؤشرا سلبيا في عدم كفاءة أداء العناصر الإنتاجية فضلا عن تراجع الريال القطري، مشيرين إلى أن نزوح الاستثمارات من قطر إلى الدول المجاورة لها، جاء بسبب التدخلات السياسية في عدد من الدول، وحالة عدم الاستقرار في العملة التي تراجعت بشكل ملحوظ، فضلا عن تراجعات في المؤشرات الاقتصادية كافة، إضافة إلى أن بعض البنوك البريطانية أوقفت التداول بالعملة القطرية مع شكوك في تعثر سداد ديونها السيادية.

وكانت بيانات مصرف قطر المركزي أظهرت زيادة عجز صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية العاملة في الدوحة خلال شهر مايو الماضي بنسبة 30 % على أساس سنوي إلى 325.4 مليار ريال، وبنسبة 2.6% مقارنة بشهر أبريل الذي سبقه.

وتوقع المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري استمرار نزيف الاقتصاد القطري والذي عكسته الإدارة السلبية للسياسات الاقتصادية والنقدية وتفاقمت بشكل أوسع مع تداعيات فيروس كورونا وقبلها مشاكل تتعلق بالعجوزات وأسعار الصرف وتآكل الاحتياطات والأصول الأجنبية، والتي أشارت التقارير التي صدرت مؤخرا إلى ارتفاع عجز صافي الأصول الأجنبية إلى ٣٠٪ أي ما يعادل ٣٢٥ مليار ريال قطري، وأصبح بالتالي التذبذب واضحا في الأسواق المالية ووفقا لبيانات ائتمانية فقد تم ضخ 38.5 مليار دولار بما يعادل ربع الناتج المحلي الإجمالي لدعم الاقتصاد وسد نقص السيولة، مما يعطي مؤشرا سلبيا نحو عدم كفاءة أداء جميع العناصر الإنتاجية في الاقتصاد حاليا.

ولفت الجبيري إلى استمرار التراجع في الأدوات المصرفية ومنها سعر الصرف للريال القطري الذي يتعرض حاليا لضغوط غير مسبوقة في أسواق الصرف العالمية وخاصة في الدول الغربية الكبرى، مما يعكس وجود مخاوف لدى المتعاملين يشوبها عدم التفاؤل والمخاطرات الائتمانية في ظل تزايد الشكوك من قبل الدائنين من تعثر قطر في سداد ديونها السيادية، خاصة أن الكثير من البنوك البريطانية أوقفت التداول بالريال القطري لعملاء التجزئة وتوقفت تباعا، وهو ما يمثل مخاطر عدة منها: ارتفاع الفوائد وتكاليف التمويل وتنامي مؤشرات التضخم.

وقال إن الاقتصاد العالمي لا يتم توجيهه وفقا للرغبات والتطمينات الإعلامية التي تحاول وسائل الإعلام القطرية بثها بقدر ما هو نشاط اقتصادي عالمي مبني على مكونات نقدية ومالية محاسبية وفق منظومة الأسواق العالمية واتفاقيات التجارة الدولية والعملات الكبرى المدرجة في التعاملات الدولية في هذا الإطار، مشيرا إلى أن ذلك الأمر هو الانعكاس الحقيقي والفعلي حاليا تجاه مستقبل الاقتصاد القطري مما ينبئ بمؤشر عدم كفاءة النظام القطري المالي والاقتصادي بتسجيل تراجعات واسعة في كافة المؤشرات الاقتصادية في جميع المجالات وفي مجال الاستثمار، وارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدلات التضخم وخروج الكثير من الشركات القطرية والأجنبية من السوق، إضافة إلى الكثير من التداعيات الاقتصادية التي ألحقت الضرر بالاقتصاد القطري مما شكّل منحىً خطيرا وغير مسبوق.

وأكد الخبير الاقتصادي إياس آل بارود أن عددا كبيرا من المستثمرين الأجانب في قطر نزحوا لدول الخليج المجاورة وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها وحتى بعد تعديل الكثير من أنظمه الاستثمار وتملك الأجانب ١٠٠% لاستثماراتهم مازالت الثقة مهزوزة في الاستثمار بهذه الدولة بسبب استمرارها بالتدخلات السياسية للعديد من الدول.

وأضاف أن نزوح الاستثمارات وتراجع الإيرادات المالية، أدى إلى لجوء قطر إلى ودائعها المالية لتعويض نقص السيولة، وفق أرقام حديثة أوردها مصرف قطر المركزي، مشيرا إلى أن التخبط في القرارات التي يتخذها البنك القطري المركزي، زاد إجمالي العجز لدى البنك في القطاعات المختلفة، خاصة فيما يتعلق بالعملات الأجنبية.

ووفقًا لتقرير رسمي صادر من المصرف القطري، 23 مارس 2020، فإن العجز الصافي من أموال النقد الأجنبي لدى البنك حتى فبراير 2020 وصل إلى 45.3 % على أساس سنوي مقارنة بذات الفترة من العام الماضي 2019. وزاد عجز الأموال الأجنبية لدى البنك من 219.39 مليار ريال قطري (60.3 مليار دولار) في عام 2019، إلى 318.8 مليار ريال قطري (87.63 مليار دولار) في عام 2020.

وبحسب التقرير زاد عجز صافي الأموال الأجنبية لدى البنك القطري بصورة شهرية بنسبة 5.1% خلال شهر فبراير الماضي، وهو ما يشير إلى إمكانية زيادة النسبة بصورة متزايدة خلال الشهور المقبلة، وساهم ذلك في ضعف حجم الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد، إضافة إلى التراجع المستمر في إيرادات النقد الأجنبي، وخلق أزمة في السيولة المالية من العملات الأجنبية داخل البنوك القطرية المختلفة، مما دفع البنوك العاملة في السوق إلى الاتجاه نحو السندات والأذونات والصكوك، بهدف توفير النقد اللازم من العملات الأجنبية لتغطية النفقات المختلفة للحكومة والمواطنين.

ويأتي ذلك بعد نحو 3 أعوام من تجنب بنك قطر المركزي الكشف عن إجمالي الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لديه، وأعلن البنك في بياناته المتكررة أنه «يطبق المعيار الخاص بنشر البيانات SDDS، وذلك بناء على توصية من بعثة صندوق النقد الدولي لتقييم الإحصاءات الخاصة».