شهد بالحداد - الدمام

بعد الموافقة على إدراج 80 مهنة جديدة.. مثقفون:

بعد موافقة مجلس الوزراء مؤخرا على إدراج أكثر من 80 مهنة ثقافية ضمن التصنيف السعودي الموحد للمهن الجديد، في خطوة تعد الأولى في تاريخ المملكة، والذي جاء بطلب من وزارة الثقافة لوزارة الموارد البشرية انطلاقا من تضافر الجهود والعمل المشترك بين الجهات الحكومية، واستنادا إلى نظام التصنيف الدولي ISCO-08، أكد مثقفون ومهتمون بالمجال أهمية القرار للناشطين في المجالات الثقافية، وكيف سيسهم في تطوير الوسط الثقافي والاعتراف بصانعيه، وما إذا كانت المؤسسات الحكومية والأهلية مستعدة لتوظيف هذه المهن.

حفظ الحقوق

ذكرت الفنانة التشكيلية والحاصلة على الدكتوراة في تاريخ الفن الحديث والمعاصر د. إيمان الجبرين أن إضافة المسميات المهنية الثقافية للتصنيف السعودي الموحد خطوة مهمة وجوهرية لحفظ حقوق العاملين بالمجال حاليا، حيث ستعطي تحديدا واضحا لسلم الأجور وإمكانيات الترقي فيه وفق الأنظمة المعمول بها، كما ستفرض على المنشآت المستفيدة من العاملين في هذا القطاع المساواة بينهم وبين بقية العاملين من حيث ضمان التأمينات الاجتماعية والصحية.

وتابعت: ومن ناحية أخرى، فإن وضوح التصنيف يساعد أيضا في دقة الدراسات المستقبلية، حيث سيتمكن المحللون من تحديد مدى حاجة البلاد إلى بعض المهن، وبالتالي التوفيق بين كم ونوع التعليم والتدريب المتاح، مع حاجة البلاد للتقليل من البطالة الناتجة عن التكدس في بعض التخصصات.

إضافة نوعية

وأبان رئيس مبادرة المسرح الوطني عبدالعزيز السماعيل أن وزارة الثقافة ما زالت منذ انطلاقتها تقدم إضافات نوعية تاريخية للفنان والمثقف السعودي وللمشهد الثقافي في المملكة عموما، والتصنيف السعودي الموحد للمهن الجديدة الذي أعلن عنه سمو الأمير بدر وزير الثقافة مؤخرا وضع خارطة العمل الثقافي في نصابها الصحيح، فهو بمثابة حجر زاوية غاية في الأهمية لمن يعمل في مجال الثقافة والفنون، وعليه أصبح الطريق ممهدا أمام الأدباء والفنانين لمزاولة مهنهم المختلفة بكل ثقة واحترام، كما نلاحظ أن هذه الخطوة تأتي ونحن على مشارف انطلاقة ثقافية تاريخية غير مسبوقة في المملكة، كما أنها تمهد لما سوف يأتي من قرارات وتغييرات إضافية مهمة تخص ممارسة النشاط الثقافي في المملكة، سواء على مستوى الفرد أو الجماعات، حيث من المتوقع أن تشهد الساحة الثقافية نشاطا لافتا ومتنوعا غير مسبوق في المستقبل القريب بإذن الله.

تنظيم العمل

وأشار إلى أن تصنيف الموظف في خانة مهنته المتخصص فيها سوف يزيد من ثقته بنفسه واحترام مجال عمله، سواء لدى الدوائر الحكومية أو القطاع الخاص بدلا من متاهة العمل سابقا تحت مسميات وهمية ليست لها علاقة بمجال تخصصهم، كما سيسهم هذا التصنيف في تعزيز إقبال الطلاب على الدراسة والتخصص في المجالات الفنية والثقافية، وسيساعد أيضا على تنظيم العمل الإداري والفني لدى المؤسسات الفنية القائمة حاليا في المملكة.

التوطين

وقالت الحاصلة على الماجستير والدكتوراة في التصميم البيئي والداخلي د. فاطمة عبدالفتاح جبران إن الموافقة جاءت مواكبة لتطلعات وإستراتيجيات الرؤية لتوطين الوظائف وتعزيز المحتوى المحلي بكوادر وطنية، بالإضافة إلى أن ذلك جاء لحاجة الوطن لأهم الأنشطة والمهن المناسبة للتوطين وزيادة نسبة «القرار التشاركي» الذي أسهم في رفع التوصيات للتوجيه والاعتماد بإدراج هذ القرار، وتعد هذه خطوة أولى تجاه الترخيص المهني لأكثر من 7 تخصصات من ضمن العديد من التخصصات الأخرى المدرجة، ولكن كان للتخصص الهندسي والمعماري والبيئي والتصميم الداخلي النصيب الأكبر، لما له من دور مهم وجذري في المجال الثقافي، ومنها على سبيل المثال فني ترميم آثار، ومصمم إضاءة، وأمين متحف، ومصمم أثاث، وأخصائي ترميم، وأمين معرض فني، وفني تصميم معارض.

وتابعت: كما سيمنح المثقفون السعوديون بمختلف تخصصاتهم الإبداعية صفة رسمية معترف بها لدى أجهزة الدولة، وتعتبر هذه خطوة نوعية ستمنح العاملين في الصناعة الثقافية صفة اعتبارية لدى المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية، ما سيكون له أثر إيجابي على المدى المتوسط في رفع نسبة توطين الوظائف وإحلال الوظائف بالكوادر الوطنية، وهذا يعتبر فرصة لمختلف القطاعات، وسيساعد في تقليل نسبة البطالة بين السعوديين على المدى المتوسط والبعيد.

خطوة مهمة

وأكد الكاتب والناقد السينمائي طارق خواجي أنها خطوة مهمة في الاعتراف بوجود هذه المهن، والتي ظلت فترة طويلة حبيسة تسمية شخصية فضفاضة بوجود هذه المهن في المؤسسات الثقافية التي كانت لا تنضوي تحت مظلة مهمة مثل مظلة وزارة الثقافة، التي تحقق قفزات واسعة في تأسيس بنية تحتية يعول على وجودها في صناعة مشهد ثقافي حقيقي ومهم.

منوها على أنه يجب الانتباه إلى أن بعض المسميات مثل الروائي والشاعر هي مسميات قائمة على النتاج الإبداعي والثقافي التي يفضل دائما أن تبقى رهان المشهد الثقافي وحراكه النقدي، وليس بنيته التحتية إلا فيما يتعلق بتطويره وتهيئته إبداعيا.

حاضنة حقيقية

وذكر خواجي أن كثيرا من هذه المهن كانت محصورة في اجتهادات شخصية، تسعى للإسهام والاستفادة، بيد أن المشكلة الأساسية كانت تتمثل في أنهم مغيبون عن الأوساط التي تستفيد منهم لأسباب عديدة، من ضمنها عدم وجود قاعدة بيانات أو حاضنة حقيقية توجه المبدعين والحرفيين والمهنيين في هذه الأوساط للتعاون فيما بينهم والتفاعل بشكل مؤسسي، مشيرا إلى أن هناك أكاديميات ستظهر لتدريب هذه المهن الأمر الذي سيثري الوسط بمحترفين، وليس هواة، في المجالات الثقافية التي تعتمد على التخصص والخبرة الأكاديمية والعملية.

وحول استعداد المؤسسات الحكومية والأهلية، قال: ربما يكون هناك تباطؤ في البداية، لكنني أعتقد أن بابا مهما قد فتح، وسيدخل الكثير في هذا المجال للاستفادة من عدد ليس بالقليل من الطاقات التي تنتظر هذه الفرصة التي تشكر عليها وزارة الثقافة.

ترسيخ المهن

وأوضح المترجم متعب الشمري أن من أهم ما سيحققه هذا القرار تبادل الخبرات بين أعضاء المهنة الواحدة باختلاف المناطق، وحينما يتم توحيد هذه المسميات الوظيفية يمكن عمل منتديات لكل مهنة لتبادل المعارف والمعلومات واجتماعهم في ندوات ومؤتمرات تخص المهنة، والذي يعد من عوامل تطوير الوسط الثقافي، مؤكدا أن القرار سيساعد في ترسيخ المهن الثقافية وتعريف المجتمع بها، كما أن المجال الثقافي اليوم واسع، والمشتغلون فيه من كل الأطياف والوظائف، ولا شك أن هذا يسعد المهتمين به كثيرا، ويمنحهم فرص العمل به بشكل مباشر.

وأضاف: يجب أن ننظر للطاقات الحالية، فجلهم أصحاب خبرات ووظائف، فهل الأمر يتعلق بعمل ما أم بوظيفة؟ فإن كان هناك مترجم مثلا بوظيفة أخرى، فهل ستمنحه الوزارة هذا الامتياز؟ أم أنه بالضرورة يكون موظفا لدى القطاع الحكومي أو الخاص؟.