صالح بن حنيتم

كنت أتحدث مع عدد من الزملاء من المنطقة الشرقية والرياض وجدة عن الأجواء الساحرة في منطقة الباحة، وادعوهم لزيارة المنطقة، فالباحة وكل منطقة سياحية في بلدي تتشرف بزوارها بعد أزمة كورونا.

ولم تكن منطقة الباحة غريبة عليهم، بل إن بعضهم كان يسرد لي العديد من المواقف، التي تفاوتت بين الإيجابي والسلبي، فمعاملة أهل المنطقة لهم، وحسن الاستقبال كان الجانب الإيجابي، بينما تمثل الجانب السلبي في نقص وقصور بعض الخدمات، خاصة السكن.

وتماشيا مع رؤية 2030 الداعمة للسياحة الداخلية كنت أصور لهم مقاطع شبه يومية عن المناظر الطبيعية للتشويق عن أجواء منطقتنا الساحرة والتسويق للسياحة الداخلية، فالسياحة صناعة ورافد اقتصادي على مستوى العالم لمَنْ يحسن استغلالها.

كنت حريصا على التنوع في التشويق عن جزء غالٍ من وطني فتارة تكون «السنابات» بين الشجر المثمر من المشمش والتفاح والخوخ والكمثرى وغيرها، وتارة أخرى أكون متجولا على قمم جبال المنطقة، وبين تلك الجبال والوديان كنت التقط صورا «لايف» كل «عصرية» عن مشاهد زخات المطر و«هتانه» ومع كل صباح كنت أستمتع وأحرص على نقل المتعة لهم من خلف شاشة «السناب».

أكثر ما كان يشدهم صوت المطر والأجواء الباردة في هذا الوقت من السنة، ولا ننسى المؤثرات الصوتية من سيمفونية الطبيعة الممزوجة بأصوات الرياح وزقزقة العصافير وكأنها تتراقص على صوت «الزير»، وهي تحلق حوالينا وفي نفس الوقت كنت أمرر الكاميرا إلى أوراق الشجر وفروعه وهي تتمايل بهدوء مع نسمات الصباح العليلة بكل «حنية».

شعرت بسعادة عندما وعد الزملاء بتحويل بوصلتهم السياحية نحو الداخل بعد الأزمة، فهذا مؤشر للنجاح؛ لأنهم سيقنعون مَنْ حولهم من الأقارب والأصدقاء بعد التجربة مما سيزيد من عدد الزوار للسياحة الداخلية، ولكن صدمت بعد سماع هذه الأسئلة، التي لم أجد لها جوابا، كم عدد الفنادق والمنتجعات من فئة الخمس نجوم في الباحة؟، وهل هناك ملاهٍ بمواصفات عالمية يجد فيها أبناؤنا المتعة والأمان؟ ويستمر التساؤل هل هناك برامج سياحية مجدولة؟، وهل هناك أماكن تراثية متكاملة، بحيث عندما نتجول في نفس المواقع التاريخية نجد العديد من المقاهي والمطاعم الشهيرة؟ عم الصمت وما عندي جواب كما أسلفت للأسف!

الآن بلدنا أطلق عجلة السياحة في الاتجاه الصحيح وخطا خطوات جبارة في السنوات الأخيرة في شتى المجالات بما في ذلك السياحة، وعليه لا بد من إجادة صناعة السياحة لنجني ثمارها، ولكي تزدهر منطقة الباحة لا بد أن نبحث عن «براغي» عجلة السياحة المفقودة في الباحة من خلال إيجاد السكن المناسب بفئات متعددة لتتناسب مع دخل السائحين كل حسب مقدرته «3-4-5 نجوم» إنشاء عدد من الشاليهات والمنتجعات، إجراء بعض المسابقات العالمية في المنطقة، استمرار الفاعليات على مدار العام.

هناك مشكلة أو «برغي» مفقود آخر في العجلة لدى رجال الأعمال تتمثل في الفترة الزمنية القليلة، التي تنتعش فيها الحركة التجارية والسياحية المقرونة بفصل الصيف، وهذا بحد ذاته من «البراغي» المهمة في عجلة سياحة الباحة، وأحد الحلول من وجهة نظري أن يتم نقل بعض الدوائر الحكومية والمستشفيات الكبرى التخصصية إلى المنطقة، وإنشاء قاعات كبرى لعقد المؤتمرات والفعاليات على مدار العام وجدولة مستمرة للسياح من الخارج للاطلاع على تراث المنطقة، وبهذا المقترح تكون عجلة السياحة في الباحة قد خففت الضغط على المدن الرئيسية بعد تجميع وتثبيت براغيها باحترافية.

‏Saleh_hunaitem@