خالد الشنيبر

في الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء على نظام الاستثمار التعديني الجديد والذي يعتبر واحداً من أهم مبادرات الإستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية في المملكة، ويأتي هذا القطاع في مقدمة القطاعات التي ركزت عليها رؤية المملكة وتستهدف رفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وذكر وزير الصناعة والثروة المعدنية في تصريح صحفي أن من المنتظر أن يحقق النظام الجديد في المستقبل القريب نقلة نوعية لقطاع التعدين والصناعة المعدنية في المملكة، بما يحقق الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية في المملكة والتي تقدر قيمتها في مواقع التمعدن بحوالي 5 ترليونات ريال.

تنويع الاقتصاد يعتبر من أهم مقومات استدامته، وهذا ما نجده من اهتمام كبير ضمن محاور رؤية المملكة في محور الاقتصاد المزدهر، فالمملكة أنعم الله عليها بمقدرات معدنية عديدة، ووفقاً للاهتمام الكبير الذي توليه المملكة لهذا القطاع المهم سنجد أن هناك تخطيطا واضحا لتوسيع القاعدة الوظيفية من خلال خلق فرص وظيفية عديدة من خلال هذا القطاع الحيوي.

من اطلاعي على سوق العمل وفرص التوظيف بالقطاع الخاص أرى أن النسبة الأكبر من فرص العمل في هذا القطاع تندرج تحت تصنيف فرص العمل التطويرية وليست التكميلية، مما يعني أننا أمام فرص وظيفية مسارها الوظيفي مميز ومُغرٍ للعمل فيه، ومردوده المادي قوي من ناحية الأجور والمميزات، ولذلك العمل على إستراتيجية واضحة من الآن على برامج تطوير الكوادر السعودية في هذا المجال سيسهل من عملية توطين العديد من المهن في الصناعات التعدينية خلال الفترة القادمة تماشياً مع مسار الرؤية، فالقطاع يحتاج لتخصصات عديدة كالتخصصات الهندسية والجيولوجية والفنية، بالإضافة للتخصصات الإدارية الأساسية.

كوجهة نظر شخصية أرى أننا نحتاج للتركيز بشكل أكبر على التعليم التقني والتدريب المهني وتكثيف الجهد لتحسين نوعية مخرجاتهم ومستويات المهارة المهنية حتى نواكب المستويات العالمية، وأرى أهمية لوجود شراكات عالمية مع معاهد وكليات لها باع طويل في مختلف التخصصات التي يحتاجها قطاع التعدين، فهذا القطاع أرى فيه مستقبلا باهرا كذراع من الأذرعة الرئيسية في توفير الفرص الوظيفية للكوادر السعودية وذلك في كثير من المناطق بالمملكة، وأرى أنه يعتبر من القطاعات التي لم نستغلها بالشكل المأمول في السابق لتوفير فرص وظيفية مميزة للكوادر المحلية.

مع المتغيرات العديدة التي تطرأ علـي مستقبل الوظائف عالمياً، من البديهي أن لا يغيب عن البال أن نجاحنا في هذا القطاع يبدأ مع التكيف مع التكنولوجيا، فالتطور التكنولوجي سيلعب دورا رئيسيا لقيادة ثورة هائلة في قطاع التعدين كتوظيف آلات الحفر ذات التشغيل الذاتي على سبيل المثال، وبالرغم من توقع العديد من المختصين والخبراء بأن مشاركة العنصر البشري ستقل بشكل كبير في هذا القطاع مستقبلاً إلا أني أختلف معهم في هذا الجانب، لأن التحكم البشري سيبقى هو العامل الأساسي لجميع العمليات.

ختاماً: التراكم المعرفي في هذا القطاع سيعتبر من أهم العوامل لنجاح إستراتيجية الاستثمار التعديني في المملكة، ولذلك من المهم أن تكون الاستفادة من الخبرات الأجنبية حاضرة في البدايات حتى نصل لمعدلات معرفية عالية وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، ومن ثم الرفع التدريجي لمعدلات التوطين سيكون مساره أسهل مما نتخيل في القطاعات الأخرى.

@Khaled_Bn_Moh