يوسف الحربي

لطالما كانت المنطقة الشرقية أيقونة للفن والجمال والثقافة التي لونت خارطتها الجميلة بكل ما هو بهي وزاه من عمران وقبله الإنسان، حتى اقترن اسمها بذلك من بين مناطق مملكتنا الحبيبة.

وهكذا صارت الشرقية هي الرابط الذي يتناسق فيه التوازن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بالتوازي مع الانفتاح المتبادل على الداخل والخارج، بوصفها منطقة حدودية مفتوحة على الخليج العربي، وكذلك معبرا حدوديا جويا، مطارها يشهد حركة وحيوية ملحوظة ومشهودة، فمن خلال هذه الحركة والنشاط تعرف المنطقة حيوية تنعكس على كل أهالي المنطقة الشرقية.

وما دام الحديث عن الشرقية فلا بد من الإشادة بالجهود والمتابعة المميزة من سمو أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان، اللذين كانا المساهمين في كل ما تمنحه الإمارة من تسهيلات وعروض وتواصل بين المؤسسات على اختلاف أنشطتهم، من أجل تجديد التواصل وتفعيل الحضور والتشجيع على التعاون بين كل المجالات الثقافية، وهو ما تظهر نتائجه في الفعاليات الدورية والسنوية المتتالية.

ولعل المنطقة احتفلت بالأحساء عاصمة السياحة العربية قبل أشهر، وتكاتف لهذا الجهد جميع الجهات الحكومية والخاصة والريادية من الأعمال الشابة، فكثير منا يعرف مميزات المنطقة الشرقية بالفن وبعدد وكثافة الفنانين بجميع تخصصاتهم البصرية والسمعية والحركية، مما ينقصها هذا التكاتف الذي يطرح تساؤلات ومطالب وأفكارا ومبادرات كثيفة لا يمكن أن يكون لها صدى بالغ التأثير دون الحرص الأولي على الفضاء وتكثيف المناخ الصالح للفعل والنشاط الفني، الذي لا يختلف عن أي نشاط آخر له علاقة بالاقتصاد والسياحة والمجتمع، خاصة وأن الثقافة والفن منفذ مهم وأساسي من منافذ الوعي والانتماء والاعتزاز بالوطنية والهوية والانفتاح بها على المحيط المحلي والخليجي والعربي والعالمي، وهو ما يدعو بالضرورة إلى المناداة بجعل المنطقة الشرقية عاصمة للفن أو اختيار إحدى محافظاتها لذلك، فالمنطقة تحتاج تحويل شوارعها وساحاتها لممارسات فنون متنوعة، وجميع خططها جاهزة للدراسة والتنفيذ لو تطلب العمل بإذن الله.

ثقتنا في إمارة المنطقة الشرقية كبيرة جدا لتكون المنطقة بوابة الثقافة ومنارة للفنون، فالمنطقة تعدّ المعبر الثقافي والفني والمنبع الأساسي للمبادرات التي انطلقت وقدمتها خلال سنوات طويلة جمعية الثقافة والفنون في الدمام، وانحصرت على الحدود الجعرافية القريبة للمنطقة، فلا يمكن أن تبرز وتنشط وتعرف الحيوية والتفاعل دون أن يكون للفنون دور فيها، ينتشل جمودها الروتيني ويفعّل فيها توازناتها المتفاعلة بوعي يظهر على المدن الشرقية، ويبلغ صداه لتكثيف الاهتمام والنشاط والتركيز على التراث والثقافة بمداها المختلف؛ ما يمهّد الطريق لجعل الشرقية منطقة التنوع والتعاون ومزارا للعالم ومحطّ أنظار قادر على الإشعاع بكل القطاعات وفي كل المجالات.

إنها مبادرة لا تهم مدينة الدمام أو الخبر بدرجة ضيقة أو بتصنيف محلي، ولكنها تفتح أبواب التعاون مع الكل، وخلق تميّز في المنطقة وفي المملكة حتى تتكاثف جهود البحث من أجل حسن تسيير الوعي بالرؤى والمبادرات التنموية.

yousifalharbi@