فهد سعدون الخالدي

تظل في حياة سائر الأمم والشعوب لحظات ووقائع حاسمة ومفصلية، يمتد أثرها طويلاً، وتصحبها بشائر ميلاد أحداث أكبر وأهم تجني أثرها الأجيال سنوات طوالا، وهي تظل صفحات مضيئة يتذكرها الناس كلما قرأوا صفحات ما مضى من الأيام، في بلادنا مثلاً يظل توحيد المملكة على يد الملك المؤسس أكثر لحظة مضيئة في تاريخها الحديث، ولذلك تتخذ الدولة هذه المناسبة يوماً وطنياً تحتفل فيه كل عام مذكرة الأجيال بأهميته وآثاره وما أحدثه من آثار إيجابية في حياة الأفراد والأمة، والأمر كذلك في بلدان العالم التي تحدد الأيام التاريخية في حياتها لتختار أهمها يوماً وطنياً للبلاد. لقد شهدت بلادنا -والحمد لله- بعد رحيل الملك المؤسس ملوكاً عظاماً رفعوا البنيان، وأضافوا إليه لبنات عديدة مدماكاً فوق مدماك حتى غدا وطناً قوياً شامخاً بعون الله، ومازال الوطن ولوداً ومعطاءً من أبنائه المخلصين، وهو يُبشر بمستقبل زاهر -إن شاء الله-، بل أكثر ازدهارا، والأمل بعد الله معقود أن تكون بيعة سمو ولي العهد التي تحل ذكراها هذه الأيام بشرى جديدة بمزيد من المنعة والقوة والازدهار في كافة الصعد -إن شاء الله-، ومما يزيد الأمل في ذلك ما شهدته هذه السنوات الثلاث في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ووقوفه -حفظه الله- وراء ما حصل فيها من إنجازات ومعه عضيده وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وفي مقدمة ذلك التفكير الإستراتيجي واعتماده طريقاً لصناعة مستقبل الوطن، متمثلاً في برنامج التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030، والتي جعلت في مقدمة اهتماماتها تنويع مصادر الدخل وعدم استمرار الاعتماد على النفط مورداً وحيداً، وبذلك تتحقق الاستدامة المالية التي تضمن ما يلزم مشاريع البنية التحتية والخدمات من تمويل يكفل استمرارها وتقدمها في جميع الأحوال، حيث أخذت هذه الرؤية في الانتقال إلى الخطوات الميدانية التي تجسد الرؤية على الواقع واستمرار هذه الخطوات رغم الصعوبات والظروف الحالية التي ستزول آثارها، ولن تحول -بإذنه تعالى- دون تحقيق هذه الرؤية، بل ستزيد الإصرار على تحقيقها، ومما يؤيد صحة هذا النهج ويدعمه تبوؤ المملكة مكانة رفيعة بين أكبر اقتصاديات العالم ممثلاً بمجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصاديات العالم والدول المؤثرة في هذا الاقتصاد، حيث لم تنضم المملكة إلى هذه المجموعة، بل تم اختيارها لترؤس هذه المجموعة حيث أثبتت قدرتها على قيادة اقتصاديات العالم بما اتخذته من إجراءات في مواجهة واحدة من أكبر المخاطر التي واجهت العالم منذ قرن من الزمان، ممثلة بجائحة كورونا حيث دعت المملكة لعقد اجتماع افتراضي خاص بمواجهة هذه الجائحة ترأسه خادم الحرمين الشريفين، وحضره رؤساء دول المجموعة وفي مقدمتهم رؤساء الدول الخمس الكبرى في العالم، وعلى الصعيد المحلي فقد اتخذت المملكة العديد من الإجراءات الوقائية والعلاجية لآثار هذه الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية سواء من حيث الكشف عن الإصابات، وتوفير العلاج المجاني للمصابين مواطنين ومقيمين، ومساعدة دول العالم على مواجهة هذه الجائحة أيضاً، أو تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجائحة على الموظفين والعاملين في القطاع الخاص، وذوى الدخل المحدود سواء من حيث إصدار الأنظمة والتشريعات التي تعالج الظروف المستجدة، أو تقديم المعونات، أو تأجيل الالتزامات على الشركات والمؤسسات والأفراد، أو الإعفاء من بعض الرسوم الحكومية على الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، وكذلك نجاح إجراءات الدولة في معالجة مشكلة انخفاض أسعار النفط وقدرتها على قيادة سوق النفط إلى التعافي بالتدريج من آثار هذا الانخفاض وصولاً إلى استقرار الأسعار بما يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين. وعلى الصعيد السياسي ما زالت المملكة ترسخ مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي ومازال صوتها مسموعاً في المحافل الدولية في كافة القضايا الإقليمية والدولية، ومازالت تمنع محاولات الشرذمة الطائفية في اليمن من التغلب على الشرعية، وتبذل كل المحاولات لتخليص اليمن الشقيق من ويلات الحرب، ومد يد العون للشعب اليمني. وهي كذلك تمد الشعب العراقي الشقيق بكل عون ممكن ليتجاوز المحنة والتخلص من التدخلات الأجنبية في بلاده والعودة إلى مكانه بين أشقائه من الدول العربية والإسلامية، ومازالت كذلك تؤكد موقفها الثابت من حق الشعب الفلسطيني في وطنه وإقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.. إن نجاح الدولة في كل ذلك وإبداعها في الحلول في مواجهة كورونا التي يتابعها سموه الكريم، بمتابعة وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله-، وما ذكرناه هو غيض من فيض من الإنجازات التي تحققت في السنوات الثلاث ويبشر بالمزيد -بإذن الله-.

fahad_otaish@