د. نورة عبدالله الهديب

شهد العالم في هذه السنة جائحة كورونا التي عطّلت الحسابات والنتائج المتوقع حدوثها في هذا العام. فالأزمة العالمية قد غيرت موازين الأمور وأحداثها من نواحٍ متعددة. يؤسفنا أن نرى العالم يتدحرج من الأعلى إلى الأسفل ولكن بفضل من الله ثم المقاومة الشديدة لهذا التدحرج قد يخرج عالمنا بسلام من هذه الأزمة.

وعلى الصعيد المحلي، اجتهدت بلادنا في التصدي لهذه الأزمة عن طريق مراقبة الأحداث العالمية وأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الجائحة. فهذه السنة كانت مستثناة عن السنوات الماضية لأننا مارسنا حياة أخرى وفِي أجواء مختلفة عن كل السنوات. التعليم عن بعد الذي اختصر نتائج العملية التعليمية والتربوية خلال فترة قصيرة. شهر رمضان الذي كانت ممارساتنا الدينية محصورة في جو أسري بعيد عن ضوضاء الشوارع. صلة الرحم والتي يتميز مجتمعنا بها قد أخذ مسارا آخر في هذه السنة، فكان الترابط الأُسَري عن بُعد يُعبِّر عن تلاحم المجتمع بشكل عام.

استطاعت بلادنا وبنجاح تخطي الأزمة بشكل مرن بفضل من الله ثم بفضل حكمة القيادة وكذلك المجتمع الذي أثبت وعيه في أهمية اتباع الأنظمة. نعم، كانت هناك سلبيات مجتمعية ولكن القدرة على تحويل السلبيات الى إيجابيات هو ما جعلنا نتكيف مع الوضع الحالي لنُسخره لصالحنا. على سبيل المثال، هدية الله تعالى لعبادة في يوم العيد ستكون استثنائية بشكل صحي واجتماعي واقتصادي وديني كذلك. جرت العادة أن يكون العيد هو يوم اللقاء والاحتفالات بين المسلمين وتبادل الهدايا بينهم. وفِي هذه السنة سنلتقي جميعنا في الدعاء بإذن الله، وستكون الأجواء الأسرية أكثر تضامناً بناء على إيجابيات الحظر التي جعلتنا نفطن إلى أهمية تفاصيل العلاقات الأسرية.

ولا ننسى دور المنظمات الصحية والتعليمية والتجارية والأمنية وغيرها في نشر الوعي وبث روح التفاؤل بين أفراد المجتمع. فالاستجابة السريعة والخدمات المستحدثة بأنواعها لخدمة المواطن والمقيم جعلتنا نستوعب حجم النعمة التي أعطانا إياها الله تعالى في هذه المِحنة العالمية. وكأن هذا الاستثناء ما هو إلا تذكير لنا بأن نكون على بينة بأن جهود دولتنا مستمرة وقائمة على العمل الإنساني الذي تفتقره بعض المجتمعات.

وأخيراً، عيد الفطر لهذه السنة يتسع روحياً بالأدعية ويتقلص بالأجساد في المنزل الواحد وذلك لمصلحة الجميع. فما أجمل أن نمارس حياتنا الطبيعية تحت نظام موحد يسعى لأن يكون الفرد في هذا الوطن سليما ومعافى. ففي الحياة دروس وعبر وها نحن نتعلم منها لنتجاوزها بإدراك معرفي وعلمي يستفيد منه أطفالنا في المستقبل. وأعاده الله علينا باليمن والبركة وكل عام والعالم بخير.

FofKEDL@