عبدالله الحزيم

سجلت أول حالة بفيروس كورونا بالمملكة بتاريخ 3 مارس 2020، ومن هذا التاريخ توالت الإجراءات الاحترازية للحفاظ على سلامة كل من يقف على أرض المملكة من مواطن ومقيم أو حتى مخالفي أنظمة الإقامة، فتم تعليق العمرة وتعليق الدراسة وتعليق إقامة المناسبات وتعليق الحضور لمقرات العمل في جميع الجهات الحكومية وإغلاق المجمعات التجارية والأسواق وتعليق الصلاة في المساجد ومنع التجول والانتقال لمنطقة أخرى، وتم إغلاق الحدود البرية وسفر المواطنين والمقيمين، وفي تاريخ 14 مارس تم تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية للمسافرين.

وخلال 27 يوما فقط انطلقت أول رحلة إجلاء بعد تنسيق من وزارات الصحة والخارجية والسياحة، والهيئة العامة للطيران المدني. ولأن الأعداد كبيرة جدا فقد أعطيت أولوية لكبار السن والحالة الصحية والنساء وصغار السن ومن تم إلغاء تذكرته.

الناقل الوطني الخطوط الجوية العربية السعودية التزم بأنظمة اتحاد النقل الجوي الدولي بخصوص التباعد الاجتماعي داخل الطائرات مما خفض الطاقة الاستيعابية الى 62٪ تقريبا. مما أدى الى استياء بعض العالقين من سياح ومبتعثين لتأخر إجلائهم.

التحديات التشغيلية التي تواجه الطاقم الجوي التي قد لا يعلمها عامة الناس هو أن يحتوي ويراعي سلامة الركاب وفي نفس الوقت يحافظون على أنفسهم من العدوى، لأنه لو حدث وتم رصد حالة إصابة واحدة في الطائرة فسيتم حجر الطاقم كاملا 14 يوما. وكما أن الطاقم الجوي يخشى العدوة فهم يعزلون أنفسهم 7 أيام وما يلبثون أن تنقضي هذه الأيام ويدخلون في رحلة أخرى مما يشكل ضعف الحياة الأسرية. وإن من التحديات هو تجاوز القانون التشغيلي للعمل أو بالأصح استثناؤه، الذي لا يسمح للطيران بنفس الطاقم التشغيلي للطائرة أكثر من 20 ساعة متواصلة ويجب على الملاحين الإقامة 48 ساعة على الأقل في بلد الوصول، ففي حالات الإجلاء الطاقم الجوي يسافر ويرجع بنفس الرحلة. وكذلك الجانب الإنساني في التعامل مع حالات التشنجات من الركاب من خوف وهلع وهوس مما جعل بعضهم لا يتحرك من مكانه حتى لدورة المياه.

هذا التنسيق الجبار والمشرف كان درسا في المواطنة، برز فيها أبطال كثر من جنود وأطباء وملاحين وإداريين ومن ورائهم من يقود هذا الكيان بكل حب. سواء انكشف هذا الوباء أو تم التعايش معه ستبقى هذه القصص تحكى لأجيال وأجيال.

@alhuzaim1