مها العبدالهادي - الدمام

سفير بغداد في الرياض د. قحطان الجنابي لـ اليوم:

- العلاقات السعودية العراقية تراوحت بين المد والجزر كيف تقيمون هذه العلاقة اليوم؟

* الحقيقة يجب ألا ننسى في موضوع العلاقات العراقية السعودية الجانب التاريخي، فحدوث حالات سابقة من الفتور كان متوقعا ألا يطول، ويعود الدفئ للعلاقات الثنائية، فالعراق والمملكة بحكم كونهما بلدين عربيين مسلمين بالإضافة إلى الجوار الجغرافي والقرابة العشائرية فإن الروابط التي تجمعهما أكثر من الخلافات البسيطة، وتاريخياً كانت هجرة العشائر بين البلدين أمرا معروفا، لذا نشأت روابط أسرية بالإضافة إلى العشائرية وترابط ومحبة من شعبي البلدين، واليوم فإن العراق والمملكة تمكنا من بناء أسس متينة لعلاقات ثنائية أخوية بين البلدين وزار المملكة رئيس الوزراء السابق العبادي ورئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، وأصبحت العلاقة بين البلدين تسير على خطى ثابتة من التطوير والازدهار.

- مجلس التنسيق الوزاري السعودي - العراقي هل بالفعل بات واقعا على الأرض ويعمل بحسب ما خطط له؟

* إن مجلس التنسيق العراقي - السعودي هو ثمرة جهود قيادة البلدين لتثبيت أسس لعلاقات ثنائية مثمرة ومتطورة، والمجلس عقد اجتماعات دورية ووضع خططا لاستثمارات سعودية طويلة المدى في العراق تعزز الوضع الاقتصادي للعراق وتعود بالفائدة أيضا للمستثمرين السعوديين وفعلا باشرت بعض الدراسات والتهيئة لبعض المشاريع المهمة في العراق، وهناك رغبة من كبريات الشركات السعودية كأرامكو وسابك في مجال النفط والتعدين بتنفيذ استثمارات كبيرة في العراق، وشركات أخرى في مجال الاستثمار الزراعي كـ «سالك» بمباشرة استثمارات ضخمة في العراق، وهذا الموضوع سيفعل بخطوات أسرع بعد انتهاء جائحة كورونا.

- كيف تنظرون إلى جهود المملكة في تسهيل عودة المعتمرين العراقيين لوطنهم؟

* نتيجة لجائحة كورونا فلقد تعذر على مجموعة من المعتمرين العراقيين العودة للعراق، وحيث إن بعضهم لديه صلات قرابة في المملكة فلقد تفرقوا في أرجائها، ووفق توجيه الحكومة العراقية ومعالي وزير الخارجية محمد علي الحكيم باشرت السفارة العراقية في المملكة جهودها لإحصاء وجرد العالقين من المعتمرين، وتعاونت السفارة مع وزارة الخارجية السعودية ووزارة الحج والعمرة ووزارة الداخلية لنقل وتجميع المعتمرين العراقيين في مكة المكرمة وقدمت كل الجهات السعودية المشار إليها دعما وتعاونا منقطع النظير ممزوجا بروح الأخوة الأمر الذي أدى إلى نجاح جهود السفارة، وحيث إن المملكة معروفة بكرمها فقد استضافت المعتمرين العراقيين في فنادق بمكة المكرمة وسهلت وصول طائرة الخطوط الجوية العراقية لنقلهم إلى العراق.

والسفارة تعمل بالتعاون مع الجهات المختصة في المملكة بصدد إعداد رحلة ثانية لنقل بعض المسافرين العراقيين العالقين وجزء من أفراد الجالية العراقية الراغبين بالعودة إلى العراق.

- تم في الفترة الأخيرة فتح معبر عرعر.. إلى أي مدى تسهل هذه الخطوة التبادل بين البلدين؟

*خلال السنة الماضية عقدت اجتماعات مشتركة لفتح معبر عرعر وقامت المملكة بتجهيز المعبر من جانبها، وكذلك العراق هيأ الجانب العراقي ليكون مؤهلا لعملية سفر الحجاج والمعتمرين والتبادل التجاري، لكن نتيجة لجائحة كورونا تم تأجيل افتتاح المعبر، إلا أنه يتوقع فتحه بعد عبور الجائحة سيتم افتتاحه، وسيكون رابطا كبيرا بين البلدين حيث سيسهل أولا حملات الحج والعمرة من العراق وسيفتح الطريق أمام وصول المنتجات السعودية إلى العراق وسيشجع الشركات السعودية للاستثمار في المجال الزراعي والصناعي لتأمين احتياجات المملكة من العراق. إن الطموحات كبيرة ويسعى البلدان لتحقيقها في القريب العاجل.

- أين وصلت العلاقات الاقتصادية بين السعودية والعراق؟

*قدمت المملكة قروضا لإعادة إعمار العراق وتمت المباشرة بعدة مشاريع لبناء مستشفيات في وسط وجنوب العراق وفي النية استثمار القروض السعودية في إعادة بناء البنية التحتية في مناطق مهمة من العراق، وبالنسبة للقطاع الخاص السعودي فإنه دخل السوق العراقية بشكل جيد، والحكومة العراقية من خلال المجلس التنسيقي العراقي السعودي وهيئة الاستثمار العراقية وضعت خططا لتشجيع الشركات السعودية الكبرى على الاستثمار في العراق، وفعلا بدأت الخطى الأولية بشكل جيد، وإن فتح معبر عرعر سيعطي دفعة كبيرة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين.

- برأيك ما الذي تحتاجه الدول العربية لتحقق الاستقرار في ظل التوترات السياسية على أراضيها؟

* الدول العربية لديها الكثير من المشتركات وبالتالي فإن التركيز على هذه المشتركات ووضع خطط التكامل الاقتصادي بما تحققه من عوائد كبيرة مشتركة سيكون الأساس لحل أي خلافات موجودة بينها.

- العراق يكلف الرئيس الثالث لرئاسة الوزراء خلال بضعة أشهر أين وصلت جهود تشكيل الحكومة؟

* كما هو معروف فالعراق بصدد تشكيل حكومة مسؤوليتها الأساسية هي النهوض بالعراق مع التهيئة لانتخابات برلمانية خلال ظرف سنة وهذه المهمة هي كبيرة ومسؤولية جسيمة، لذا كان من الطبيعي أن تتأخر عملية تشكيل الحكومة، ولكن الآن وبعد تكليف السيد مصطفى الكاظمي فان جهوده مع الكتل السياسية العراقية بصدد الإعلان، ونرجو أن يكون قريبا حكومة جديدة تكون بوابة الأمل لمستقبل العراق.

- ما هي مساعي العراق لبناء علاقات خارجية متوازنة مع دول الجوار ودول العالم؟

* من ثوابت السياسة الخارجية العراقية، بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والدول الكبرى، وهذه المهمة دقيقة وصعبة خصوصا خلال تعرض العراق لهجمة تنظيم داعش الإرهابي وسيطرته على أجزاء واسعة من العراق، فالشعب العراقي بقواته المسلحة بمختلف صنوفها كانت رأس الحربة في مواجهة إرهاب داعش وبدعم من تحالف دولي واسع، لذا لم يكن من السهل تحقيق مبدأ التوازن ولكن مع هذه الظروف بنى العراق علاقات متوازنة مع الجميع، وتمكن من عبور هذه المرحلة المصيرية من تاريخه ودحر إرهاب تنظيم داعش وحرر أراضيه وكسب احترام كل دول العالم وخصوصا دول الجوار التي قدرت تضحيات العراقيين لدحر الإرهاب.

- العراق يملك احتياطا كبيرا من النفط في حين الوضع الاقتصادي العراقي على مستوى الدولة والشعب بات صعبا.. برأيك كيف يمكن تجاوز هذا الوضع من خلال تطوير علاقة العراق بالمملكة؟

* إن العراق غني ليس بالنفط فقط، بل بموارد شتى كالغاز والفوسفات والمعادن والأهم بالموارد البشرية والثروة الزراعية، ومن الجانب الآخر فإن المملكة لديها الشركات التي تملك الخبرات والإمكانيات المادية والمعرفية، لذا فإن تحقيق التعاون وولوج الشركات السعودية الكبرى للاستثمار في العراق سيحقق مكاسب كبيرة لكلا البلدين وسيحقق نهضة اقتصادية عراقية لإحياء صناعاته ودعم الزراعة وخلق فرص عمل وتحقيق الرخاء الاقتصادي وهو ما نأمله ونسعى له.