أحلام القحطاني

لم تفتح المحال التجارية أبوابها الموصدة منذ قرابة الشهرين لتنبئ بعودة الحياة الطبيعية في البلاد، بل إنها فتحت بشكل جزئي أمام المواطنين بهدف تمكينهم من شراء حاجياتهم الأساسية والتي لا تحتمل التأخير أكثر من ذلك، ولا ضير في إنعاش الاقتصاد وعودة الفائدة للتاجر الذي قد تتفاقم خسارته بحكم ما نمر به من ظروف، وقد تم ذلك وفق اشتراطات صارمة لضمان الصحة العامة للجميع، فمازالت أرقم الإصابات تتوالى تباعا يوما بعد يوم، ولا تزال تلك السحابة السوداء الجائحة تحوم حول العالم وتحصد العديد من الأرواح، ولكننا مع كل تلك التسهيلات التي استنزفت الكثير من الحرص للوصول إلى منطقة الأمان الصحي، وتسخير العديد من جنود الصحة من الممارسين الصحيين والمتطوعين للوقوف على المشهد والتأكد من سلامة المتسوقين، نجد البعض قد أتى للتنزه فقط و«تغيير الجو» مما يجعله بهذا الفعل يضرب بصحته عرض الحائط ويهدد صحة الآخرين كونه غير مدرك لخطورة الأمر وحساسية المرحلة.

نحن أيضا جنود في هذه الأزمة من خلال ما نقوم به من تنفيذ لكافة الأوامر الصادرة من الدولة، وتطبيق جميع الاحترازات الوقائية لنعبر جميعا إلى بر الأمان دون أن نفقد قريبا أو عزيزا، إذ إن المملكة لم تدخر جهدا في إثبات ما يعنيه لها كل مواطن سعودي أو مقيم يعيش على هذه الأرض، وقد صدحت الأنباء العالمية بتلك الجهود المباركة التي قامت بها السعودية مما جعلها أشبه بالأم التي أحاطت شعبها بكلتا يديها لكي لا يصيبه أذى، كما أن هناك العديد من الوافدين الذين رفضوا العودة لأوطانهم خشية أن لا يجدوا مثالا لما يتلقونه هنا من عناية وحرص على سلامتهم، مما زاد من فخر المواطن السعودي بما يتناقله العالم عن بلده، وأشخص أعين الأعداء بحقد أكبر تجاه المملكة التي كلما زادوا في شن الحروب عليها زادت هي بدورها رفعة وقوة.

لا ينبغي علينا في خضم كل هذه الجهود إلا أن نستشعر هذه النعمة ونكون خير من يحافظ عليها، وعلى الرغم من أن الذين لم ينصاعوا لتلك الأوامر وفروا من سندان الواجب الوطني مطرقة الضمير الحي يعتبرون قلة ولله الحمد، ولكن يبقى التأكيد على أن شخصا واحدا فقط من هؤلاء قد يتسبب في كارثة لعدة أشخاص امتثلوا للأوامر وعقدوا سبحة الأمان الصحي آمنين مطمئنين، فأتى ذلك المخترق ليفرطها في طرفة عين، لذا نؤكد دوما بأننا مازلنا نصارع تلك السحابة السوداء ونتطلع إلى اليوم الذي تعود فيه السماء صافية والحياة آمنة بفضل من الله ثم بتكاتفنا يدا بيد للخروج من هذه الغمة بأقل الخسائر، والكثير من الوعي والإدراك بأننا استطعنا العيش بالقليل وعرفنا الفرق بين الأساسيات والكماليات في حياتنا فلنعد حساباتنا فيما ننفق، ولنشكر الله على نعم لم نكن لنشعر بأهميتها لولا ما حدث.

11Labanda@