د. محمد باجنيد يكتب:

ثقافة البهتان المنتشرة هذه الأيام.. تذكرني بالقصة الشهيرة «ليش ما تلبس طاقية».

ولمن لا يعرفها: يحكى أن نمراً شرساً أراد أن ينال من ثعلب مسكين.. فكان كلما التقى به يصفعه ويقول له: «ليش ما تلبس طاقية؟!».

فلم يكن أمام الثعلب الغلبان أمام جبروت هذا النمر؛ غير الذهاب إلى ملك الغابة الأسد، وإخباره بالأمر.

فاستدعى الأسد النمر، وسأله عن تعديه المستمر على الثعلب.

فقال له النمر: أن لا شيء بينهما.. كل ما في الأمر أنه لا يرتاح للثعلب. فأراد الرئيس الأكبر أن يجامل وزيره؛ فنصحه أن يكون أكثر ذكاءً؛ بأن يجعل لضربه للثعلب سبباً.. فقال له: اطلب من الثعلب إحضار تفاحة، وحينما يأتي بتفاحة حمراء اصفعه، وقل له: لم لم تأت بتفاحة خضراء وهكذا.

أعجب النمر بالفكرة.. وحينما جاء الثعلب باغته بطلبه.. وقال له: أحضر لي تفاحة.

فسأله الثعلب: خضراء أم حمراء؟

غضب النمر من فطنة الثعلب، وضربه قائلا: «ليش ما تلبس طاقية؟!»

ما أكثر الثعالب الذكية وما أكثر النمور المزيفة!

لا تبتئس يا صاحبي.. (حط في بطنك بطيخة صيفي).. ما دمت تجتهد..

وتتحرى فعل ما تراه حقاً.. دعهم يلوكون في سيرتك.. ينعتونك بأقبح الصفات ظلماً وزورا.. يختلقون الروايات ليقللوا من مهنيتك.. يريدون أن يلبسوك الطاقية.. وهي لا تليق بك.

لا تحاول أن ترضيهم.. فلن ترضيهم.. حتى لو وضعت على رأسك طاقية.. سيطالبون أن تكون بلون معين.. همهم إظهارك بمظهر العاجز.. ولن ينجحوا في ذلك.. افعل الصواب دائماً.. دع الأعمال.. تتكلم عنك.. وانصرف.. لما هو قادم.. المستقبل أمامك لأنك موهوب.. ستعيش سعيداً.. بعطائك الجميل الذي خلقت له.. إنه يا صاح من ذلك الذي يمكث في الأرض، ويعلو في السماء.. لا تحزن إذا مال أهل الدنيا إلى الزبد.. احتفظ لنفسك بوقارها وترفع به.. التجربة صقلتك عرفت فيها الناس.. ظهرت سوءاتهم.

الرابضون في العتمة يلعنون الظلام ألف مرة ولا يوقدون له شمعة.. شمعة واحدة تكفي للفت الانتباه وإظهار الجمال في الوجود، بعد أن انطفأت كل مصابيح المساء وخشي الناس من العتمة.

لا تسمح لأي شيء أن يؤثر على حالتك الذهنية والروحية والعاطفية والجسمانية.. أولائك سر سعادتك؛ فلا بد أن تبقى قوية وطاهرة وصحيحة.. لا شيء في الدنيا يستحق الاهتمام؛ إذا ذهبت الصحة.. لا تضيع التاج الذي فوق رأسك؛ فهناك ملايين البشر ينظرون إليه بشوق، وعلى استعداد أن يدفعوا الغالي والنفيس من أجله.. لا تنظر إلى النقص؛ فالزيادة لا شيء إذا لم تكن تستعملها.. ارض بالقليل؛ تسمُ نفسك.. الصيام مدرسة الصبر والرضا.

mbajunaid@ipa.edu.sa