مطلق العنزي

الابتلاءات في العالم جزء من طبيعة الحياة، فلا يوجد إنسان لا يعاني من ملمة ما، وتقلقه الأقدار والأعراض والعوارض.

وأيضاً الدول والبلدان كالإنسان، تمرض وتصيبها الأوصاب والأوبئة والأوجاع والابتلاءات.

وبعض البلدان خصها الله بابتلاءات وحدها، ويظل مواطنوها يعانون إلى أن يأتي فرج الله أو يقضي أمراً كان مفعولاً.

في وقتنا الراهن أسوأ الأوبئة هي جوائح الأيديولوجيات التي تتفشى في عرض العالم وطوله. وتنشر الأيديولوجيات فيروسات الكره بين الناس وأمراض الحزبية والجدران، فضلا عن ثقافة «التأليه» لرموزها، فلا يوجد حزب لا يؤله مؤسسه أو منظره، وبعضهم لولا الحياء من الناس، لأفرد رمزه بالعبادة لا شريك له أو ليقربه إلى الله زلفى.

لو سألت مريدين مغررا بهم ومخدرين، من جماعة حزب الله اللبناني، أي الأغلى عندهم والدوهم أم خامنئي، الأرجح أكثرهم سيختارون، صادقين بملء أشجانهم، خامنئي.

ولو سألت إخوانياً «مبرمجاً» في الجزائر أو العراق أو سوريا أو تونس أو الخليج، أيهما أغلى والداه أم أردوغان، الأرجح سيختار، ملء بهجته، أردوغان.

على خطى الدواعش وسفهاء المجاميع، وقبلهم رعاع المنظمات الشيوعية والقومية التي حولت الشباب والشيب العرب إلى مجرد قطعان من الببغاوات والهوس بالتفكير الإنشائي والفراغ واستلاب الهوية.

وللتأليه تبعات سياسية وسيادية، تدفع ثمنها البلدان دماء وآلاما أو أنيناً، وشوارع تتفجر بالغضب.

ولنأخذ ثلاثة أمثلة:

حزب الله اللبناني يحكم لبنان ويركز كل طاقاته وقدراته، وقدرات أتباعه ومواليه وحلفائه، في سبيل هدف أعلى وحيد، هو تمكين إيران من الإمساك بتلابيب لبنان، وجعل لبنان محمية إيرانية، هذا هو الأهم، وكل ما يفعله من خطط اقتصادية ومجتمعية ومدنية تصب في هذا الهدف، ويمنع أي خطط مهما كانت ضرورية ومبدعة وناجحة إن لم تؤد إلى تعزيز النفوذ الإيراني في لبنان.

وفي تونس ينشط حزب النهضة، ويبذل الغالي والرخيص، في سبيل تعزيز النفوذ التركي في تونس، على أساس أن رجب أردوغان هو العراب الشعوبي للإخوان، لهذا فإن تمكين تركيا من رقبة تونس هو الهدف الأيديولوجي الأعلى لحزب النهضة، ويحفى راشد الغنوشي، وحتى الرمق الأخير، من أجل تحقيق هذا الهدف. والنشاطات الأخرى لحزب النهضة مجرد تفاصيل وعروض ترفيهية.

وتجتهد فصائل الحشد الشعبي في العراق في التمكين لإيران في العراق، وتتحكم إيران في تعيين رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء والنواب في العراق، واحداً واحداً، وتنشر الفساد على نطاق واسع في العراق، بهدف تشكيل «جو» يخدم التدخلات الإيرانية، وتفرض الميليشيات توريد سلع رديئة من إيران ومنع سلع أعلى جودة من بلدان أخرى، ليس بسبب الفساد فقط بل ولأسباب أيديولوجية أيضاً.

وسبحان الذي جعل حزب الله اللبناني وحشد العراق ونهضة تونس، حلفاء أصفياء يوالي بعضهم بعضاً و«يتعاطون» الشعوبية الرذيلة ويجعلونها تاج رؤوسهم وفلاح أعمالهم، وآخر ما يلقون بها وجه الله من الدنيا. أَلا ساء ما يزرون.

وتر

لرياح الشمال

وأناشيد.. وحداء

إذ تلاعب خصل الأثل

وربيع الطلح،

والشفق