عمر بن عبدالرحمن الشدي

قد لا يستوعبُ عقلُ أحدنا أن يسمع كلمة «عرَّاب» التي تعني القدوة في بعض معانيها، بأن تصبح مقرونة بالفشل، إلا أنها إذا أُلصقت بشخصية مَن سأتحدثُ عنه اليوم فستكون مستحقة عن جدارةٍ كبيرة، تلك الشخصية ممثلة بالرئيس التركي رجب أردوغان؛ الذي لم يدخر جهدًا في المراوغة والكذب واللؤم ومعاداة العرب، وساهم وبكل قوة في تدمير اقتصاد تركيا بكل أنانية.

فلو عُدنا للاقتصاد التركي قبل صعود أردوغان للحكم، وبالتالي إلى أزمة 2001 التي طحنت تركيا، وأُغلقت جميع الأبواب أمامها، ركن أمر إنعاش الاقتصاد في حكومة بولنت أجاويد آنذاك، إلى شخصية الخبير العالمي كمال درويش، الذي عمل سابقًا في البنك الدولي على مدى أعوامٍ طويلة، حيث وضع درويش خارطة طريق لتركيا، ساهمت في إنقاذها من الكساد وتحوّلها لدولةٍ قادرةٍ على تحمّل الأعباء الاقتصادية.

وعند وصول أردوغان لرئاسة الحكومة، وابتعاد درويش؛ بسبب توجّهه للسياسة، ركن الأمر لعلي باباجان الذي تمسّك بسياسة درويش الاقتصادية وسار على نفس النهج.

حقق أردوغان آنذاك شعبية كبيرة، وهدفها الوصول لكرسي رئاسة الجمهورية، وهي حقيقة ما حصل له وتمكّن منه؛ ليبدأ حينها في الكشف عن مخططاته وأهدافه، التي سرعان ما استجاب لها الاقتصاد التركي عكسيًا بالانهيار، حيث تخلى عن الشعب والأهداف الطموحة التي رسمت مقابل الحصول على رغبات ونزوات الاستعمار والقتل للشعوب المجاورة وبالتحديد «العرب».

أردوغان الذي نجح بامتياز في تلميع صورته بين العرب، وعلى النقيض طوَّر علاقته وبلاده مع كل مَن يُعادي العرب، وعلى رأسهم إيران وإسرائيل، وبدأ بدعم الإرهابيين ونشرهم في سوريا ومساندتهم بالجيش وتمكينهم لقتل الأبرياء، بالإضافة إلى إرسالهم وجيشه للنيل من الليبيين واحتلال بلادهم، والشروع في إبادتهم وقتلهم، كما تعوَّدت السكين الأردوغانية في سحق أرواح العرب.

هذا الرجل المتغطرس لم يُخفِ تبجُّحه؛ بل أعلن شره وأهدافه أنه يريد احتلال ليبيا وعودتها للحكم التركي، وكذلك لم يُخفِ أطماعه في سوريا، كما زكّى وشارك في كل ما يساهم في إشعال النار بالدول العربية، بدءًا من أحداث مصر في أيام ثورة 2011، وتبنّيه قيادات جماعة الإخوان، وتوجيهها لمحاربة وتدمير الدول العربية، وكذلك التحالف مع قطر لمحاربة المملكة ومصر والإمارات، وتكوين تحالف ثلاثي، وضمَّ إيران له.

مع كل ذلك، للأسف أجد مَن يتعاطف معه من العرب، ومع ذلك أريد أن أعيدهم لتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو الذي قال إن أردوغان ينعته بـ «هتلر» علنًا، ويمد يد تركيا للتجارة مع إسرائيل في الخفاء، حيث وصف نفسه، أي نتنياهو، بأنه يكاد يكون الإسرائيلي الوحيد الذي لا يسافر لتركيا، ولا يخفى على الكثير أن التجارة التركية مع إسرائيل تضاعفت في عهد حزب العدالة والتنمية، إلى 10 أضعاف ما كانت عليه في السابق، حيث تمَّ إعطاء الجانب الإسرائيلي معاملة خاصة عن بقية الدول؛ لنعلم حقيقة التصريحات الكاذبة لأردوغان.

أخيرًا.. أختم حديثي عنه بأنه شن حربًا على كل مَن يُعاديه، بدءًا من حادثة الانقلاب المزيّف؛ ليبدأ بسجن وسحق كل مَن وقف ضده من سياسيين واقتصاديين وإعلاميين، وسيظل أردوغان عرَّابًا للفاشلين؛ لأنه لا يفتخر بفاشل إلا فاشل مثله.