ترجمة - نورهان عباس

تعامل أنقرة السيئ زاد من تفاقم الأزمة.. ومؤشرات تنذر بانهيار الاقتصاد التركي

أحوال نيوز: إجراءات بطيئة وسوء إدارة لتدابير الأزمة

فورين بوليسي: الاقتصاد التركي إلى الهلاك بعد كوفيد-19

جاكارتا بوست: عواقب وخيمة لتضليل الإعلام التركي

ذا كونفرزايشن: أزمة الفيروس.. حجة جديدة لقمع المعارضة

بلقان إينسايت: تركيا تتحول إلى «إيطاليا كوفيد-19 الجديدة»

---------------------------------------------------------------------------------------------

أزاحت أزمة فيروس كورونا الستار السياسي والاجتماعي الذي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتخفى وراءه قبل الأزمة، كاشفة عن العديد من العورات والثغرات التي يعاني منها الاقتصاد التركي، والنظام المتهاوي الذي تستند عليه البلاد، والذي تسبب بإجراءاته الضعيفة والتدابير المتخاذلة التي اتخذها في تحول تركيا إلى بؤرة تفشي المرض، وتصدرها لمعدلات الوفيات في منطقة الشرق الأوسط بـ 105 آلاف حالة تقريبًا -حتى وقت كتابة هذه السطور- و2600 وفاة، الأمر الذي جعل الإعلام الدولي يشبه السيناريو التركي الحالي بما حدث في إيطاليا، التي تصدرت نسب الإصابة والوفيات على مدار الشهر الماضي، وعانت من أسوأ سلسلة لتفشي وباء كوفيد-19 حول العالم.. ورصدت صحف ومواقع العالم مواطن الضعف التركي في مواجهة الوباء، كالآتي:

فشل مجمع:

من جانبها، سلطت صحيفة أحوال نيوز التركية المعارضة الضوء على قرار إدارة أنقرة بزيادة أسعار البنزين مؤخرًا، على الرغم من تراجع سعر النفط الخام العالمي، معتبرة أن ذلك نموذج على الفشل السياسي المتمثل في عدم قدرة النظام التركي على التعامل مع معطيات الأزمة محاولة تجميع فاتورة العلاج من الشعب التركي نفسه، إضافة إلى أنه فشل اجتماعي ففي الوقت الذي تخفف فيه دول العالم من ديون وأعباء شعوبها ترفع الإدارة التركية عليهم الأسعار، كما أنه دلالة مؤكدة على فشلها الاقتصادي وعدم قدرة البلاد على توفير ميزانية كافية لتقديم المساعدات اللازمة له.

وقالت الصحيفة: «ارتفع سعر البنزين للتر الواحد، ووصل في إسطنبول إلى 4.88 ليرة، وفي إزمير وأنقرة 4.99 ليرة. ليتجاوز بعد الزيادة الجديدة حاجز الخمس ليرات».

وأضافت عن فشل أردوغان الاقتصادي بقولها: «تسيطر على المجتمع التركي حالة من الخوف بسبب تأثيرات فيروس كورونا المحتملة على الاقتصاد. وحسب المعطيات الصادرة عن المؤسسات السياسية والاقتصادية التركية، من الممكن أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 38 % في حالة استمرار وباء فيروس كورونا لمدة عام من الآن».

وحسب الدراسة التي أجراها الباحثان فاتح أوزأتاي Fatih Oztay وجوفن ساك Joven Sac ونقلتها الصحيفة فمن الممكن انكماش الاقتصاد بنسبة 20 % إذا استمر الفيروس لمدة 6 أشهر، أما إذا استمر لمدة عام، سينكمش الاقتصاد بنسبة 38 %، وستنخفض نفقات الثقافة والسياحة والفنادق بما يزيد على 90 %.

هلاك اقتصادي:

وتوافق مجلة فورين بوليسي الأمريكية صحيفة أحوال في الرأي مؤكدة أن الاقتصاد التركي معرض بشدة للهلاك في حالة استمرار أزمة فيروس كوفيد-19 أكثر من ذلك.

وأضافت المجلة الأمريكية في تقرير لها بالقول إن الرئيس أردوغان فشل في فرض حظر التجوال في تركيا، ولم يستمع إليه أحد، وأن المعارضة التركية بدأت تصعد في زمن كورونا، وكانت أكثر تنظيما على عكس حزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، ووصفت جهود أردوغان ضد حزب «الشعب الجمهوري» الذي يسيطر على إسطنبول بـ«الألاعيب السياسية التي سوف تنقلب على الرئيس التركي».

وحذر التقرير من أن ملايين الأتراك خسروا وظائفهم بسبب كورونا ولا توجد خطط لإعادة توظيفهم. وقال التقرير: «قبل منتصف ليل الجمعة 10 أبريل، غمر مئات الآلاف من الناس الشوارع عبر تركيا. وردا على جائحة فيروس كورونا المستجد، أعلنت الحكومة التركية حظر تجوال نهاية الأسبوع الماضي لـ31 مقاطعة، بما في ذلك إسطنبول والعاصمة أنقرة. وكان المقصود من القرار إبقاء الناس في منازلهم في أيام العطلة، لكن الإعلان المتأخر جعلها دعوة خطيرة وأكثر ضررًا».

ولفتت إلى أن الإغلاق كان سيستمر في عطلة نهاية الأسبوع، أي 48 ساعة فقط، لكن انعدام ثقة الجمهور في الحكومة دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأنها ستمدده دون سابق إنذار. وبالتالي خرج عدد أكبر من الناس إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد مقارنة بالشهر الماضي، وعندما طلب أردوغان من المواطنين تنفيذ «الحجر الصحي الطوعي». اندلعت المعارك، وأخذ الناس الطعام من رفوف الأسواق الصغيرة التي كانت لا تزال مفتوحة، وقليلون اتخذوا احتياطات التباعد الاجتماعي.

ولزيادة الفوضى، لم يتم إخطار عمدة إسطنبول إكرام إمام أوغلو - عضو حزب «الشعب الجمهوري» المعارض - مسبقًا بأن المدينة ستوضع تحت الإغلاق. ونتيجة لذلك، لم يكن هناك وقت كافٍ للبلدية لطمأنة السكان أنهم لن يتركوا بدون طعام أو دعم، أو لتنظيم النقل العام للعاملين في مجال الرعاية الصحية.

وحسب فورين بوليسي، انتقد إمام أوغلو حظر التجول المفاجئ على «تويتر»، قائلاً إن مثل هذا القرار من جانب واحد «يخلق الارتباك والذعر فقط».

تضليل إعلامي:

وفي سياق متصل، ركزت صحيفة جاكارتا بوست الإندونيسية على جانب آخر كان سببًا في تفاقم الأزمة وهو تضليل وسائل الإعلام التركية المؤيدة لأردوغان للجمهور التركي والعالمي.

ولفتت الصحيفة، إلى أنه مع تفشي الوباء، اختفى الرئيس التركي من الشاشات، تاركا وزير الصحة للتواصل مع الجمهور، وذلك لتمهيد الطريق للوزير لتحمل اللوم في نهاية المطاف. لكنه برغم ذلك أبدى قلقا كبيرا تجاه الأداء القوي لرئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول، اللتين تسيطر عليهما المعارضة، وانتقدهما أردوغان لإدارتهما حملات غير مصرح بها لجمع التبرعات وحجب الحسابات البلدية المخصصة لمساعدة السكان المتضررين في تلك المدن.

وقالت الصحيفة: «سياسة التناقض هي السمة السائدة في تغطية الإعلام التركي لأزمة تفشى فيروس كورونا الذى ينتشر بشكل واسع وضخم في البلاد، خلال الفترة الراهنة، عكس ما تحاول وسائل الإعلام المؤيدة لأدوغان إخفاءه».

وأضافت: «الإعلام التركي فشل بنسبة 100 % في نشر الوعي في أزمة كورونا، مشيرة إلى أن العدد الضخم من الإصابات غير المعلنة بالفيروس يؤكد هذا الإخفاق لإعلام العدالة والتنمية».

واختتمت: «هذا التضليل الإعلامي من وسائل الإعلام التركية الرسمية سيكون له عواقب وخيمة بعد انتهاء الأزمة».

معاقبة المعتقلين:

ومن الناحية السياسية لفتت صحيفة ذا كونفرزايشن العالمية إلى أن الرئيس التركى يستغل أزمة تفشى كورونا في زيادة قمعه لمعارضيه، وزيادة معدلات الاعتقالات، موضحة أن أردوغان لا يستمع إلى آراء الشخصيات المعارضة، التي تؤكد أن هناك حالة تراخ في التعامل مع أزمة الوباء.

ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة أنقرة أصدرت قرارات بإطلاق سراح المجرمين خوفًا من انتشار الفيرس بينهم، مع استثناء المعتقلين السياسيين بشكل غير مفهوم من القرارات ذاتها.

أيضًا، أشارت ذاكونفرزايشن إلى أنه منذ بداية تفشي فيروس كورونا في تركيا، رفضت حكومة حزب «العدالة والتنمية» العمل مع البلديات التي يديرها حزب «الشعب الجمهوري» المعارض.

وقالت: «كان الإغلاق هو الأحدث في سلسلة من الأحداث الأخيرة التي مارست فيها الحكومة التركية الألاعيب السياسية على حساب مواطنيها، واختارت القرارات لمصلحتها على التواصل الواضح معهم وإذابة الفوارق السياسية بينهم».

وأضافت: «ستخرج إدارة أردوغان من هذه الأزمة بمشاكل سياسية أكبر وخلافات أكثر حدة مع المعارضين، بسبب طريقة التعامل الوحشية وغير المبررة معهم في خضم أزمة إنسانية يعاني منها العالم بأسره».

بؤرة فيروسية:

وعلى الصعيد العالمي تستمر مخاوف تحول تركيا إلى بؤرة فيروسية جديدة في الشرق الأوسط، على غرار البؤرة الإيطالية في القارة الأوروبية، خاصة في خضم الزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات المكتشفة، مع تقديرات بوجود أضعاف تلك الأرقام من الحالات التي لم تكتشف به.

ويوجد في إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا وحدها ما يصل إلى 82329 حالة إصابة مؤكدة بفيروسات كورونا -حتى وقت كتابة هذا الموضوع-، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 1890.

وعلى المستوى الدولي، أصبحت تركيا بؤرة تفشي فيروس كورونا المستجد الثالثة في العالم، بعد أوروبا والولايات المتحدة، إذ سجلت قفزة في أرقام الإصابات في الشرق الأوسط، بعد تجاوزها إيران، لتسجل أكبر عدد من الإصابات عالميا، خارج أوروبا والولايات المتحدة، كما تجاوزت تركيا عدد الإصابات المسجلة في الصين، بؤرة تفشي الفيروس الأولى، والتي سجلت 82735 حالة حتى الآن.

وتحتل تركيا المركز السابع بين الدول بعدد الإصابات، خلف الولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وتقول صحيفة بلقان إينسايت التركية المعارضة عن ذلك: «إن أعداد المصابين الكبيرة التي تسجل يوميا في تركيا سببها تأخر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل السيطرة على المرض، فالحكومة لم تتخذ إجراءات وتدابير صارمة، وحظر التجول الكامل لم يبدأ سوى مؤخرا ولمدة يومين فقط في نهاية كل أسبوع».

وأضافت: «إدارة أردوغان تقدم مساعدات طبية لعدد من دول أوروبا، وتتجاهل شحن هذه المنتجات داخل البلاد».

واختتمت: «تركيا على الطريق نحو التحول إلى إيطاليا جديدة بالنسبة لانتشار فيروس كوفيد-19، لكن الفيروس هذه المرة سيكون أشد فتكًا وأسرع انتشارا بسبب سوء الإدارة وعدم تحرك النظام بما يكفي لإنقاذ الشعب التركي».