إبراهيم باحاذق يكتب:

إن مسيرتنا كأمة سعودية تجاه أهداف كبرى تنتظرنا عند العام ٢٠٣٠ تتطلب استعدادا تاما وجاهزية أكيدة على كافة الأصعدة، والماء وتوفيره هو أحد ألح المتطلبات المستقبلية.

ويحمل السماح بتطبيق تقنية الاستمطار الصناعي في المملكة، كثيرا من الأمنيات بأن تساهم في حل معضلة قلة الأمطار، لكن ما هذه التقنية وكيف تعمل؟ تلك أسئلة تدور في أذهان كثيرين أحاول أن أسلط عليها الضوء في هذا المقال.

ببساطة يمكن أن نُعرّف الاستمطار على أنه حث للسحب على إسقاط ما تحمله من ماء فوق مناطق بعينها، من خلال عدد من الوسائل الكيميائية والتقنية المتاحة. إذ تُلقَح السُحب ببعض المواد الكيميائية مثل يوديد الفضة، والذي يعمل على خفض درجة حرارتها إلى درجة التجمد، الأمر الذي تتحول به مركبات الماء الموجودة في تلك السحب من حالتها الغازية إلى بلورات ثلجية صلبة، نتيجة هذا التحول تكتسب ثقلا يجبرها على السقوط إلى أسفل، فيما تحولها الحرارة قرب الأرض إلى قطرات ماء مرة أخرى.

أما عن الطريقة التي يتم بها تلقيح السحب، فتتم من خلال طائرات خاصة تطير على ارتفاعات شاهقة، تُلقي من موقعها المرتفع هذا الذي يعلو السحب المستهدفة بكميات مناسبة من مواد كيميائية خاصة، تستقبلها السحب لتمر بسلسلة التفاعلات سابقة الذكر، لينهمر المطر بإذن من الله.

ويمكن الاستعاضة عن الطائرات بأجهزة ومحطات إطلاق أرضية، حيث تطلق هذه المنصات صواريخ أشبه بالألعاب النارية تجاه السحب المستهدفة، ومن ثم تتم عملية التلقيح، وتبدأ التفاعلات.

إن تقنية الاستمطار لا تستهدف أبدا تخليق شيء من العدم، وإنما استغلال أمثل لعلاقات المواد فيما بينها، وتوظيف للكيمياء في حث السحاب الطبيعي على إسقاط ما به من ماء وقبل ذلك المساهمة في زيادة رقعته.

أما عن كمية الأمطار التي تهطل فيتم التحكم فيها عن طريق مساحات السحب المستهدفة، وكذلك كمية المواد المنثورة، من هنا لا خوف أبدا أن تتحول تلك الأمطار إلى سيول مثلا.

من شأن الاستمطار أن يعزز موارد المملكة المائية، وبالتالي يمكنها من إنشاء مناطق رعوية وزراعية جديدة، وكذلك سيساهم بكل تأكيد على المديين القريب والبعيد في رفع مخزون المياه الجوفية، والذي تناقص بشكل ملحوظ خلال العقود القريبة الماضية.

اتخاذ هذا القرار ليس وليد اليوم، بل مر بسلسلة من التجارب والأبحاث على مدى سنوات، أذكر منها تجربة الاستمطار التي تمت عام 2004 في منطقة عسير، ومع التقدم التقني الحاصل، فأعتقد أن فرص النجاح والأمان صارت مضاعفة، لذا فإن الأمر برمته يبشر بخير كثير.

@ibahathek11