علي الريعان - الخبر

إعادة الأشخاص ذوي الإعاقة أولا لظرفهم الصحي

في الوقت الذي اجتاح فيه فيروس «كورونا» المستجد العالم، تبينت للشعوب خفايا حكوماتهم، وما قدمته الدول «التي كان يُطلق عليها متقدمة» لمواطنيها في هذا الوقت الحرج، إلا أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله-، أكدت للعالم أجمع ما هي حقوق الإنسان، وهو ما أكده عدد من المبتعثين من الأشخاص ذوي الإعاقة «حركيا» في دول مختلفة، ونقلت «اليوم» انطباعاتهم لما يعيشونه خلال هذه الفترة.

قال المبتعث لدراسة الماجستير في الإدارة المالية والمحاسبة بجامعة برايتون في بريطانيا علي النابود، إن غالبية المؤسسات التعليمية في بلد الابتعاث، لم تتخذ أي إجراءات احترازية في بداية الأزمة، إذ إن الحياة كانت وفق الروتين الاعتيادي، مضيفًا: «كنا نتابع مجريات الأخبار في وطننا الغالي، ورأينا حرص قيادتنا الرشيدة - حفظها الله-، على سلامة المواطنين والمقيمين على حدٍ سواء، واستشعرنا الخطر، واستفسرنا من الجامعة عن الأمر، وما يتوجب علينا فعله، وللأسف لم يولوا اهتمامًا بخطورة الوضع آنذاك».

قنوات تواصل

وتابع: «شعرنا بالخوف والارتباك من الموقف، لا سيما أنني وزوجتي، ولدينا طفلة صغيرة، في غربة خارج الوطن، وكان أعظم همنا سلامة ابنتنا الوحيدة»، مشيرًا إلى أن تدخل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن سلطان، كان له الأثر العظيم، إذ إنه فتح قنوات اتصال مباشرة مع الأندية الطلابية لتكون حلقة وصل مع سموه.

إجراءات سريعة

وذكر أن السفارة أعلنت خطة إجلاء رعاياها، وأن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم الأولوية بهذه الخطة، لظرفهم الصحي، مضيفًا أنه تواصل مع السفارة، وسجل بياناته، وسلم الوثائق المطلوبة، وتواصلت الملحقية الصحية معه لتأكيد طلبه، وانتظار تعليمات الإجلاء من خلال الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.

تعاون التعليم

ولفت إلى أن وزارة التعليم تعاونت مع المبتعثين خلال هذه الأزمة، بإجراء عدة خطوات، أبرزها تسهيل إجراءات العودة للوطن بصرف تذاكر اجتماعية لمن لا تنطبق عليهم شروط الصرف، واستمرارية صرف المكافأة المالية للجميع دون استثناء.

توفير الاحتياجات

وعن المواقف التي شهدها المبتعثون هذه الفترة، قال النابود إن من أبرزها أزمة التموينات الغذائية التي شهدت حالة من الفوضى لم ير مثلها في حياته، إذ ظهرت اللاإنسانية في المجتمعات الغربية التي كنا نراها متطورة، مضيفًا: «عانينا من شح الاحتياجات اليومية، مثل أدوات النظافة والحماية، كالمعقمات والقفازات، في ظل عزلتنا الاحترازية»، مشيدا بجهود النادي السعودي في برايتون، ممثلا برئيسه د. عبدالله الحاني، لمساعدته الطلبة المبتعثين في هذه الأزمة، من خلال تشكيل لجنة تطوعية لتوفير المشتريات لكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء اللاتي ليس معهن مرافق، وإيصال مؤون غذائية أساسية.

اهتمام القيادة

وأبان المبتعث لدراسة ماجستير الإدارة المالية بولاية كاليفورنيا الأمريكية يوسف الحمد، أن سفارة المملكة في أمريكا اتخذت عدة إجراءات احترازية للمواطنين، وقدمت لهم الرعاية، وخيرتهم بين البقاء في بلد الابتعاث، أو الرجوع إلى أرض الوطن، ما يؤكد حرص قيادتنا الرشيدة - أيدها الله-، على الحفاظ على سلامة وأمن رعاياها في الداخل والخارج.

استقرار صحي

وأضاف أنه قدم طلب عودة، من خلال تسجيل بياناته في المنصة المخصصة لذلك، وفي انتظار موعده حسب خطة الإجلاء، موضحًا أن الاستقرار الصحي والمعيشي نوعًا ما جيد، وأن دراسته مستمرة من خلال التعليم عن بعد، دون الحضور في المعهد، الأمر الذي سيساعده على إكمال دراسته في حال عودته للمملكة.

طريق العودة

وروى المبتعث بمدينة مانشستر البريطانية بسام الرويلي، تجربته، وأنه في بداية الأزمة وضعت إدارة المعهد الذي يدرس فيه خيارين أمامهم، إما الدراسة عن بعد، أو استكمال الدراسة التقليدية، فاختار الدراسة عن بعد كإجراء احترازي، مضيفا: «سجلت طلب العودة لأرض الوطن، من خلال المنصة الرسمية، وتعاونت السفارة مع وضعي، كوني من الأشخاص ذوي الإعاقة، وتواصلوا معي، وحددوا موعدًا للانتقال إلى فندق بالعاصمة لندن، وخيروني بين إرسال سيارة خاصة، أو أن استقل سيارة أجرة وتدفع السفارة التكلفة، وبعد وصولي إلى لندن، مكثت بالفندق المحدد لي قرابة الأسبوعين، حتى وصلتني تذكرة العودة إلى جدة، وهأنا الآن بالحجر الصحي في فندق بجدة».

إنسانية المملكة

واستنكرت المبتعثة في بريطانيا الطالبة غدير محمد، الإجراءات التي اتخذتها الجهات الصحية في بريطانيا في بداية الأزمة، إذ إنها أرسلت رسائل نصية للجميع مفادها: «من يشعر بأعراض مرضية لا يأتي لنا إطلاقًا، ويكتفي بالجلوس في منزله فنحن لا نقدم له أي مساعدة»، مؤكدة: «هذه الرسالة كانت قاسية جدًا علينا، وخلقت في داخلنا مخاوف كبيرة، وبالمقابل رأيت قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله-، بأن الدولة تكفلت بعلاج المواطنين والمقيمين النظاميين والمخالفين على حدٍ سواء وبالمجان.

فخر واعتزاز

وأعربت غدير محمد عن فخرها بالوطن، لما يقدمه من مساعدة لرعاياه في الخارج بكل الظروف، وفي أي وقت، وأن بعض الدول اقتدت بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة لمواجهة وباء كورونا، إذ تعد من أولى الدول التي خططت لحماية شعبها من هذه الجائحة.

بقاء آمن

وقالت المبتعثة لدراسة ماجستير الاستشارات التأهيلية في مدينة شيكاجو الأمريكية أروى المسيطر: «اخترت المكوث في بلد الابتعاث، كون الوضع هنا مستقرا إلى حدٍ ما، فالولاية التي أقيم فيها ليست موبوءة، ولا تزال متماسكة بمواجهة الوباء، إذ إنني في آخر فصل دراسي لإتمام مرحلة الماجستير، فرأيت أن البقاء هو الخيار الأفضل لتجنب العدوى، ولأستطيع إنهاء متطلبات الجامعة بتركيز أعلى».

مصدر طمأنينة

وأضافت: إن كلمات الشكر والامتنان للسفارة السعودية في الولايات المتحدة لا تكفي، للجهود التي يقومون بها لخدمة السعوديين المتواجدين في أمريكا، سواء كانوا طلابا، أم زوّارا، ومن تجربة شخصية، الاهتمام كان لا يوصف؛ وكانت السفارة السعودية مصدر طمأنينة لنا كطلاب مبتعثين. مضيفة: «في محيط جامعتي لمحت نظرة الإعجاب فيما تقدمه المملكة لنا كسعوديين في هذه الأزمة».

بلد الخير

وأشار المبتعث طالع حريصي إلى أن المملكة مع هذه الأزمة أعطت درسًا لجميع دول العالم في مجال حقوق الإنسان، فيما أكدت قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله-، اهتمامه بالإنسان وبالمواطن السعودي، وشملت أيضًا المقيم والمخالف على حدٍ سواء، وأشاد بجهود سفارة المملكة لدى بريطانيا واستئجارها 6 فنادق لتسكين قرابة 1500 مواطن، وتوفير احتياجاتهم حتى إجلائهم، وذكر أن هناك شواهد كثيرة نراها يوميًا من خلال وسائل التواصل المختلفة لما يقدمه الوطن خلال هذه الفترة، وعلى الصعيد الشخصي هناك شخصان ممن أعرفهم من الأشخاص ذوي الإعاقة، عادا لأرض الوطن، ويثنيان بكل فخر على ما قامت به السفارة من لحظة اتصالهما بهم إلى أن غادرا بلد الابتعاث، وقال: «نشعر جميعًا بالفخر لحملنا جواز المملكة العربية السعودية، الذي - بإذن الله- لن يضام حامله تحت أي سماء وفوق أي أرض».