د. ريم الدوسري

معدل انتشار فيروس كورونا المستجد ارتفع بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي في السعودية، وتم تسجيل 1134 إصابة يوم السبت الموافق 18-4-2020 و79% من الحالات كانت من غير السعوديين. تصاعدت الأعداد بشكل ضخم وأشارت الإحصائيات إلى أن معظمهم من العمالة الوافدة التابعة للمؤسسات الخاصة والذين يقطنون مباني لا يوجد بها أسس الصحة والسلامة الأساسية.

القفزات في الأرقام التي سجلت خلال الأيام القليلة الماضية تعود للمسح النشط الذي تقوم به وزارة الصحة وخاصة لفئة العمال. ساهم المسح في اكتشاف المزيد من الحالات، وهذه خطوة إيجابية للاكتشاف السريع لاحتواء الفيروس، وكسر حلقة الانتشار. لذا فلا داعي للقلق، فهي نتاج الاستقصاء المبكر في أماكن اكتظاظ العمال. ومن أسباب ازدياد الأعداد في هذه الشريحة هي الظروف المعيشية ومخالفة التعليمات الوقائية، فنجد مثلا 50 عاملا يجتمعون ويلعبون الكراكت، وشقق يتكدس بها تقريبا 30 - 35 عاملا، المباني التي يقطنون بها لا تصلح للاستخدام الآدمي، وتفتقد أدنى السبل للعيش بالعوامل الصحية الطبيعية مثل دخول أشعة الشمس، التهوية الجيدة، والمساحة الكافية للعامل الواحد والتي تقدر بمساحة 12م2 لتحقيق التباعد الاجتماعي.

مع تزايد عدد الإصابات من العمالة الوافدة تحتم إيجاد حل جذري لمنع انتشار الفيروس، فتضافرت جهود القطاعات الحكومية لكسر الحلقة، فكان توفير مساكن للعمال لمحاصرة البيئة الحاضنة للمرض وتقليل نسبة الالتحام الجسدي، فبادرت وزارة التعليم بتقديم مدارسها لعلاج هذه المشكلة الطارئة. المدارس هي سكن مؤقت لتقليل نسبة التجمعات بين العمالة في أماكن إقامتهم، احترازا لأي عدوى جديدة.

أبلي جميع مؤسسات المملكة بلاء استثنائيا باتخاذها حزمة من الإجراءات الوقائية والاحترازية للسيطرة على فيروس كورونا. جهد أسطوري تقوم به السعودية من خلال التكامل بين الجهات الحكومية من خلال اللجنة الموحدة لإدارة أزمة كورونا والتي يقودها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله- للحفاظ على الإنسان وهو أغلى ثروة لدى المملكة.

السعودية رائدة في العمل الإنساني، وتسعى دوما بكل ما أوتيت من قوة وموارد إلى أن تحد من انتشار الفيروس محليا وخارجيا وذلك بالتركيز على الإنسان بغض النظر عن جنسيته ووضعه، وتؤكد دائما على توفير الرعاية الصحية للجميع. ومن هذا المنبر نؤكد على رجال الأعمال أهمية توفير سكن عمال مناسب يحفظ إنسانيتهم وصحتهم، مع الحرص على إمكانية تطبيق التباعد الاجتماعي، وتوعيتهم بأهمية التقيد بالإجراءات الاحترازية والنظافة الشخصية.

أصبحت كورونا نقطة انعطاف لنحدد اتجاه منحنانا، فإما انتشار أو انحسار. وحانت الفرصة لنصحح الوضع ونعيد صياغة الأنظمة وأفضل مثال هو ما قامت به وزارة الشؤون البلدية والقروية بإصدار الاشتراطات الصحية لمساكن العمال ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الوزارة للحد من انتشار الفيروس. وفرض المخالفات المالية في حال عدم الالتزام مع تصحيح المخالفة، ومضاعفتها في حال تكرارها. وكمواطنين لابد أن ندعم جهود الوزارات بتوعية العمالة المسؤولين عنها بالإجراءات الاحترازية، فهم أمانة في أعناقنا ومساهمة للحفاظ على الوطن وأبنائه والمقيمين.

DrAL_Dossary18 @