مطلق العنزي

الإنسان كائن عجيب، يتجاوب مع كل الظروف بأساليب متنوعة، في الأفراح والأتراح والبهجة والمآسي والجوائح، كل على طريقته.

وقدمت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عروضاً حية وكثيفة للسلوكيات وتجليات الكائن الهلوع. وفكات أخرى من التهيؤات والغرائب.

حسناً.. في الأزمات يهرع الناس للمختصين، كي يتثقفوا في الأعراض والتزود بالمعرفة لكيفية التعامل السليم مع المجهول ومناغمة غريزة البقاء.

وعادة يهرع آخرون، يحتلون المنصات، ويزاحمون المختصين، للإمساك بتلابيب الناس وتقديم عروض أخرى وتحليلات أقرب إلى الأماني من كونها تشخيصا. وفي وقت تبرع كثيرون في عرض مواهبهم وتقديم وصفات متنوعة لعلاجات وهمية خطرة، تبرع آخرون في تقديم خلطات أخرى لشحن القطعان المتأزمة بين جدران المنازل.

ويتمتع الحزبيون المؤدلجون بمواهب مألوفة لاستغلال الأزمات و«التكسب»، وصياغة خلطات «بالغة السمية» عجيبة من التشفي والشتائم وآراء خيالية وتحليلات أقرب إلى البيانات الحزبية وحكايات الأمهات الليلية لتسلية الأطفال.

وفي وطننا العربي يحتل المؤدلجون الميكروفونات ويعلو صراخهم في كل أزمة، ويصادرون عقول الأتباع ويشحنونهم بمزيد من الضلال والتضليل والظلاميات.

وبدأت تظهر أعراض كورونا الفكرية مبكراً، وتطرح أوهاماً بعناوين تحليلية، حينما يقرؤها المتلقي أو يطالعها، لا محالة تزرع في مخيلته أنواعاً من الهذيان وأحلام المنامات، وليس أقلها الآراء التي ترغم المتلقي، بالقوة الجبرية، على الإيمان بأنه من نتائج كورونا، و«حسن طالعها»، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستختفي عاجلاً.

وفي الشهر المقبل تعلن واشنطن انهيار نظامها وبورصاتها و«الكابيتول هيل» و«ويل مارت»، واستسلام القوة الجبارة صاغرة، وهي كظيم. وتنسحب من الدنيا ومباهجها وملذاتها. وتظهر الصورة، الثلاثية الأبعاد، الأمريكيات وهن يحيين «اللطميات» في ضفاف المسيسيبي ونوادي أورليانز، و«وول ستريت»، واستديوهات هوليود، وتنهار معابد «بيغ ماك» وأسطورياتها، وتلتهم المحيطات «يو إس إس ثيودور روزفلت»، ثم تمد الصين أجنحتها الأخطبوطية في العالم، وبعد أسبوعين يبدأ الرفيق «تشي جين بينغ» بإدارة العالم بأصبعه الخنصر. وتنهض الصين جباراً جديداً يعز آيات الله في إيران، ويصبح أبو علي الشيباني من وجهاء التاريخ، وعبدالملك الحوثي قائم المقام، ويتوج دراويش حزب الإخوان، وفي مقدمتهم رجب طيب أردوغان، حكاماً، وحيدين لا شريك لهم، في الوطن العربي. والكثير الكثير من غث هذيان المنامات.

وتر

من الركام ورماد الحرائق..

ينهض الإنسانيون، الرائعون

يحملون مشاعل الأمل ونبض القلب الرحيم

فيما يعمه المشاؤون بالسحت

في الحميم

وطعامهم من غسلين