صحيفة اليوم

كلمة اليوم

غداً تبدأ ما يمكن تسميتها بالحقبة الجديدة في التاريخ الأمريكي الحديث، عبر الانتخابات الرئاسية، التي تنهي اكثر الحقبات إثارة للجدل منذ قرابة 40 عاماً، أي منذ الحرب الفيتنامية.. فانتخابات الغد، ستقرر بالتأكيد واقعاً أمريكياً يختلف هذه المرة، عن كل الفترات الانتخابية السابقة، لأنها على الجانبين ستفرز لأول مرة رئيساً اسود في البيت الأبيض هو الديموقراطي باراك أوباما، أو تولي سيدة منصب نائب الرئيس وهي الجمهورية سارة بايلن، وفي الحالين، سنكون أمام واقع انتخابي مدهش على المسرح الأمريكي منذ حروب الاستقلال قبل أكثر من 200 عام. أوباما أو بايلن، كلاهما في سن متقارب (الأربعينيات) والاثنان يمثلان حالة التفرد الأولى في تاريخ أمريكا الذي بلا شك سيدخل مرحلة جديدة سواء مع الديموقراطيين الطامحين لإنهاء السيطرة الجمهورية، بأغلبية من العيار الثقيل، يمكننا اعتبارها رداً على السنوات الثماني الأخيرة وتردي الوضع الاقتصادي والتراجع السياسي الذي شهدته السياسة الأمريكية مؤخراً. بالقطع، نؤمن أن سياسات الدول الكبرى لا تتأثر برحيل أشخاص، لأنها ضمن منظومة مؤسساتية بحتة، لا تتغير بتغير هؤلاء القادمين، لكن وجه التغيير الحقيقي، سيمثل نوعاً من إعادة الاعتبار للقيم الأمريكية التي بشر بها الآباء المؤسسون قبل أكثر من 200 عام بحقوق الإنسان والمساواة والعدالة والحرية، وبالتحديد، إعادة الاعتبار للسود الذين عانوا كثيراً ودفعوا ثمنا هو الأفدح في التاريخ البشري، بعد مذابح الهنود الحمر، كما أنها ستدشن لأول مرة عودة المرأة للقائمة الرئيسية أو لما يسمى الصف الثاني، في منصب نائب الرئيس، بعد الفشل في المنافسة على المركز الأول، بعدما أقصى أوباما نفسه منافسته هيلاري كلينتون، لينفرد بترشيح الحزب، فهل يكرر النجاح ليكون أول رئيس أسود للولايات المتحدة؟. كل الاحتمالات واردة، والعالم الآن وفي هذه اللحظة، على استعداد لتقبل التغيير القادم لا محالة، لأنه لا خيار ثالثاً على الإطلاق. المهم الآن في الدرس الأمريكي، هو أن الأمم عندما تنفتح على ذاتها، وتتناسى جروحها، عبر مصالحة شاملة حقيقية لا بمجرد شعارات، فإنها تقدم للعالم قدرتها على النجاح، أمريكا فشلت عملياً في تقديم هذه الصورة رغم كل وسائل القوة، لكن الانتخابات الرئاسية الجديدة، تحمل أولى بوادر التغيير، التغيير من الداخل أولاً، بالمفاهيم وقبول الآخر، وليس كما حاول اليمين المتطرف سابقاً فرض التغيير بالقوة ومن الخارج.. هناك فرق!