أماني العجلان



‏أصبحنا نتابع كل يوم عبر وسائل الإعلام تطورات انتشار فيروس كورونا حول العالم، ونترقب المؤتمر الصحفي للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة.

‏لكنها ليست الأخبار اليومية التي بتنا نترقبها فقط، بالإضافة لمتابعة أعداد المصابين بفيروس كورونا، أيضا أصبحنا نتابع أعداد المقبوض عليهم بقضايا مخالفة الأنظمة!!

‏يعتقد البعض أن الملل هو ما يدفع بعض مستجدي الشهرة لتصوير أنفسهم وهم يخالفون التعليمات الرسمية التي وضعتها الدولة للحد من انتشار الفيروس، ولكن أعتقد أن هذه السلوكيات لم تظهر من فراغ بل هي نتيجة ترسبات فكرية متأصلة لدى البعض لم يستطع السيطرة عليها أثناء فترة الحجر المنزلي بسبب شعوره بالملل، الظروف الاستثنائية تسهل عملية إخراج الأشخاص عن طورهم وتجعلهم أكثر عرضة لإظهار ما يبطنون دون وعي.

‏نحن من شعوب الأرض القلائل المحظوظين جدا، وهذا بفضل الله ثم بفضل جهود الدولة بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذين وضعوا الإنسان في مقدمة اهتماماتهم دون النظر للخسائر الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.

‏وأثناء مشاهدتنا كيف يصبح الإنسان في مقدمة اهتمام الدولة نجد أن هناك من يعمل على صنع صورة مشوهة عن العلاقات الاجتماعية السائدة بين أفراد المجتمع.

‏نعم إنه فيروس التخوين، ولا أقصد به من يبحثون في تغريدات الآخرين بغية إيقاعهم في جدل بيزنطي بل أيضا أعني أولئك الذين يكتبون مقالات ويتحدثون عن دور الحسابات التي تعمل على كشف ماضي كل مغرد أو كما يسمونهم حسابات “المتبرقعين”.

‏إذ لا أجد مبررا للفزع من تلك الحسابات، لأن واثق الخطوة يمشي ملكا، فكيف لمواطن على ثقة تامة بأن أجهزة الدولة تعمل أولا وأخيرا على حماية كل من يحمل جواز سفر سعوديا بغض النظر عن أخطائه؟!

‏ألا يعي أولئك المرتبكون من ماضيهم أن ما يقوم به المغرد “المتبرقع” هو نوع من أنواع الاستفسار أو لنكن أكثر دقة “الاستجواب” وأنه لا يملك من أمره سوى السؤال؟!

‏ألا يعي أولئك المستاؤون أن النظام لدينا ينظر لهم كأبرياء حتى تثبت إدانتهم فلماذا الخوف من هذه التساؤلات؟!

‏كل شخص معرض لأن يقع فريسة لفكرة خاطئة قابلة للتصحيح ما لم تكن تلك الفكرة مبدأ أصيلا لديه ومشروعا قائما يحلم بتحقيقه فيلجأ لخلق صورة نمطية عند الناس، مستجديا تعاطفهم بدلا من محاولته فهم سبب هجوم البعض عليه، بل نراه وصل لأبعد من ذلك وبدأ بالعويل وكأن دموع التماسيح قد تحميه من المساءلة لاحقا بحجة أن ما ينشر ما هو إلا محاولة يائسة لاصطياده في مياه عكرة.

‏وسط كل ما يحدث في العالم اليوم من اضطراب بسبب فيروس كورونا لم يتعلم هؤلاء الدرس بعد، ما زالوا يبحثون عن غطاء يسترون بها سوءاتهم بدلا من بحثهم عن علاج جذري لكل ما يحملونه من فكر بات مكشوفا لدى الجميع.

‏نحن نعلم أنك تعلم أنك تكذب ولكن ننتظر تلك اللحظه التي ستجعلك قادرا على استجماع قوتك وشجاعتك وتواجه نفسك قبل أن تطلب من الناس تصديقك.

‏كل ما عليك فعله أثناء الحجر المنزلي هو إعادة حساباتك وإما أن تعترف بخطأك على الأقل أمام نفسك ثم تبدأ بإعادة برمجة عقلك الباطن، أو ستستمر في سعيك لإيهام نفسك وخداعها بأنك بطل قومي تستحق أن يصفق لوهمك العالم.

‏ابق في المنزل عبارة تحمل الكثير في طياتها، قد تعني في باطنها أيضا أن أفكارك يجب أن تبقى بعيدة حتى لا تعدي بها الآخرين وتجعل من هذا المجتمع المتناغم مجتمعا موبوءا بفيروسات اجتماعية مضرة، لأنك ستكون عرضة للحجر كونك تعيش في دولة أولوياتها تقوم على أن الإنسان أولا ولن تكون أمامك فرصة لتخفي فيروساتك الفكرية أمام الكم الهائل من المختصين في تفكيك ما يدور بعقلك.

@AmaniAAJ