د. ريم الدوسري تكتب:

أزمة كورونا تواجه العالم بأكمله، لكن العاقل مَن ينظر من خلال عدسته الإيجابية. نعيش اليوم مرحلة مفصلية، حقبة زمنية مختلفة تمر على تاريخ البشرية، لها سلبياتها، لكن لها إيجابياتها أيضًا. فنرى تكاتف المجتمع السعودي بجميع أطيافه وشرائحه حول قيادته كأسرة واحدة.

أظهر المواطن السعودي الانتماء لهذا الوطن بالوعي العالي والتمسك بالإجراءات الاحترازية، ودعم كل القرارات، مثمنًا الجهود المتخذة لمكافحة انتشار فيروس كورونا.

مسؤولية وطنية متماشية مع الحدث، كل مواطن يشعر بأنه جندي في ساحة معركة خلف القيادة من خلال اتباع التعليمات.. إحساس بالمسؤولية المجتمعية، وأن الجميع شريك في هذه المحنة لمكافحة الفيروس، وأنها ليست قصرًا على وزارة الصحة ومؤسسات الدولة.

ظهر ذلك جليًا في مواقع التواصل الاجتماعي، مساعدات إنسانية تجسّد مدى تكافل وتضامن المجتمع السعودي. أمثلة عديدة لنبل الأخلاق، فبعض رجال الأعمال بادروا بتقديم مبانٍ سكنية جاهزة؛ لتكون محاجر لعزل المرضى، والبعض الآخر تبرع بمستشفيات مجهّزة لتكون تحت تصرّف وزارة الصحة، ومساهمات بتجهيزات طبية.

هناك مَن أعفى المستأجرين من الإيجار، وغيرها الكثير من الأعمال الخيرية. صور عديدة تبيّن الانتماء السعودي الوطني، تترجم التمسك بقيم المواطنة والتكافل الاجتماعي، والعمل بروح فريق المملكة لتجاوز هذا التحدي الذي نخوضه دولةً ومواطنين.

تطوّع الكثير من الأفراد من مبدأ ردّ الجميل لهذه الأرض في ضوء الظرف الصحي الراهن والحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد؛ للتصدي لهذه الجائحة.

استقطبت وزارة الصحة السعودية 78 ألف متطوع ومتطوعة صحيين في مبادرة «الممارس الصحي مستعد»، وتمّ تأهيلهم ليكونوا على أتم استعداد في حال الحاجة لهم. كما أن عددًا من شباب القطيف من طلاب التخصصات الصحية عملوا مبادرة توعوية افتراضية عن الوقاية والعزل الصحي وفوائده.

قدّمت بعض المشاريع الصغيرة وجبات ومشروبات مجانية لأبطال الصحة وللمعزولين في المحاجر. تبرع أصحاب الاختصاص، كلّ حسب تخصصه فمثلًا الطبيب النفسي تبرّع بتقديم استشارات مجانية، الأستاذ الجامعي خصّص ساعات لشرح مناهجه عبر تطبيقات إلكترونية.

الكثير مدّ يد العون لجيرانه من خلال تلمّس حاجاتهم، وإعداد سلال غذائية. أفعال مشرّفة لأبناء هذا الوطن تعكس الحِسّ الوطني المسؤول في المجتمع السعودي، وتؤكد انتشار ثقافة التطوع.

استشعارًا بأهمية التوحّد في حب الوطن، جاءت المبادرة التي قام بها معظم السعوديين بإنشاد النشيد الوطني على شُرَف وأسطح المنازل يوم السبت الماضي الموافق 28-3-2019 كرسالة شكر وعرفان لجهود قادتنا ومؤسساتنا وللشعب الملتزم بالإجراءات الاحترازية.

أظهرت المبادرة الكمّ الهائل من الحب والانتماء السعودي الوطني. صور من الوفاء لن تجدها إلا في المواطن السعودي، مشاعر لا يمكن أن تُشتَرى، حبٌّ حقيقي لهذا الوطن، وثقة بالقيادة وقراراتها.

فيروس كورونا المستجد يجسّد تجربة إنسانية رائعة تؤكد أواصر الترابط بين المجتمع السعودي، تلاحم وتحمّل مسؤولية الوطن والمجتمع. أثبت السعودي أن لديه استشعارًا عاليًا للمصلحة العامة، والذي سيساعد بإذن الله في التغلب على هذه الأزمة بأقصى سرعة.

شكرًا لكل مواطن قدّم لهذه الأرض الطاهرة عملًا، مهما كان بسيطًا لكن في مضمونه عظيم مثل التزامك بوجودك في المنزل.

DrAL_Dossary18 @