محمد العصيمي

مهما فعلنا ومهما قلنا وعدنا وزدنا فإننا لن نوفي منسوبي جهازي الصحة والأمن في المملكة حقهم تجاه ما يبذلونه من جهود خارقة خلال هذه الفترة الحرجة من حياتنا. ومن يظن أننا نكافئهم بتأجيل أقساط قروضهم أو حتى زيادة رواتبهم فهو مخطئ لأنه لا مكافأة، أياً كانت، تليق بما يواجهونه ويفعلونه ويضحون من أجله. وهم، بالمناسبة، لو انتظروا مكافأة مادية ما فعلوا ما يفعلون لأن صحتهم وحياتهم أغلى من كل شيء. هم يفعلون ما يفعلون بملء إرادتهم وبمحض وطنيتهم التي تتطلب مثل هذه الجهود وهذه التضحيات.

هم جنود في حرب ضروس مع عدو مجهول، وليس بوسعهم أن يلتفتوا عن حربه لكي يفكروا ماذا سيكسبون من الغنائم. وجل ما يمكن أن نكافئهم به، كمجتمع، هو ألا نتراخى أو نستسهل أو نستهتر مع هذا الفيروس العاتي، فنضيف إلى أعبائهم أعباء، وإلى تعبهم تعبا، وإلى خوفهم خوفا.

علينا أن نتقي الله فيهم كما نتقيه في أنفسنا وأسرنا ومحيطنا الاجتماعي؛ القريب والبعيد. أنت لا تجد في رسائل وزارة الصحة ما يوحي بالجهد الهائل الذي يبذله منسوبوها والبحث عن الامتنان لهذا الجهد من الناس. كل رسائل الوزارة، المتوالية والناجحة والمؤثرة، تدعونا لكي نتحمل مسؤولياتنا من أجل وطننا ونخفف العبء عن كاهلها وكاهل مسؤوليها ومنسوبيها باتباع النصائح والإرشادات والامتناع عن التجمعات والبقاء في المنازل.

هذه هي المكافأة الحقيقية والوحيدة إذا أردتم أن تُبدوا امتنانكم وتحياتكم لمنسوبي وزارة الصحة ومنسوبي أجهزة الأمن على اختلاف هذه الأجهزة. التمتع بالحس الوطني المسؤول والمنافسة عليه هو المطلوب على الدوام. وهذا الحس، في هذه الأيام، ينص على أن تبقى كمواطن في بيتك ولا تخرج إلا للضرورة القصوى، وأن تترك لمنسوبي الصحة ممارسة أعمالهم وأعبائهم بعيداً ما أمكن عن الضغوط غير المحتملة، وأن ترفع يدك تحية لكل ضابط وجندي يسهر على صحتك وأمنك وراحتك. هذه هي الوطنية وهذه هي المكافأة التي يستحقها الآن من يقفون بالصفوف الأمامية لمحاربة فيروس كورونا.

ma_alosaimi@