إعداد: عماد عبدالراضي

صامدة منذ 1380 عاما بتصاميم هندسية فريدة

احتضنت الطائف أقدم الحضارات العمرانية المأهولة والغنية بالآثار على أرض الجزيرة العربية، فجبالها وأوديتها تحتضن الكثير من الآثار والتراث ومعالم التاريخ العمراني الذي يدل على مكانتها وريادتها الحضارية، وعلى مضايق أوديتها أنشئ أكثر من 70 سدا تاريخيا، بنيت في عصور مختلفة من قبل الإسلام إلى عصر صدر الإسلام والخلفاء الراشدين، مرورا بعهد الدولة الأموية والعباسية والفاطمية، وما زال منها أكثر من 20 سدا قائما، في أطر معمارية مختلفة وتصاميم هندسية فريدة، منها ما هو مؤرخ بناؤه بلوح تأسيسي نقش على الصخر؛ ليبقى شاهدا على عظم قدرة الإنسان العربي المسلم، الذي سكن هذا الجزء الغالي من الوطن الكبير، وطوع بيئته لتكون مسكنا وملاذا آمنا له بعد الله.

سد معاوية

وسد معاوية، أو ما يعرف بسد سيسد، الواقع على بعد 12 كيلومترا جنوب شرق الطائف، هو أشهر السدود التاريخية بالمحافظة وواحد من أقدم الإنشاءات البشرية على مستوى الوطن العربي والإسلامي، وبني في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان عام 58هـ، بناه عبدالله بن صخر، ويدل على تاريخ بناء هذا السد نص مؤرخ لوقت بناء السد نقش على صخرة كبيرة في أسفل الجبل الذي شيد عليه يمين الواجهة الأمامية للسد.

ويعد هذا النقش أول لوح تأسيسي في الجزيرة العربية للمشاريع التنموية، وذكره العديد من الباحثين في كتبهم، ويدل هذا المشروع التنموي على اهتمام الخلفاء المسلمين في بداية عصر الدولة الإسلامية ببناء السدود والمشاريع الإستراتيجية التي تسهم في حفظ المياه للاستفادة منها في الزراعة والري ولتوفير مياه الشرب للعامة.

صخور جرانيتية

ويتكون بناء السد من صخور جرانيتية يبلغ طول الجزء الباقي منه 58 مترا، ويتراوح ارتفاعه ما بين 8.50 إلى 10.25 متر، ويبلغ عرضه 4.10 متر، والجزء الظاهر من واجهته الأمامية ليس به أي آثار للجص أو غير ذلك، ويعتقد أن هذه الواجهة كانت مكسوة بطبقة من «الجص» أو «النورة» ولكنها تساقطت بسبب عوامل التعرية.

سد السملقي

ومن السدود التاريخية سد السملقي الذي يقع بوادي ثمالة جنوب غرب الطائف، وهو واقع بين جبلين في وادي تكثر به أشجار السدر والطلح في الواجهة الأمامية للسد، أما في الخلف فأقيمت مزارع للعنب ومزارع للبرسيم والطماطم والخضراوات المختلفة، وتقدر طاقته التخزينية بحوالي 500 ألف متر مكعب، وبني الجزء الشمالي الغربي منه بين بروز صخري يمثل أضيق نقطة في الوادي، ويلاحظ أثر الانكسار الذي أحدثه انجراف السد.

ضخامة الأحجار

وأول ما يشد الناظر إلى هذا السد ضخامة الأحجار التي شيد بها، وكيف استطاع إنسان ذلك الوقت رفع هذه الأحجار الكبيرة جدا، ويبلغ طول السد 212 مترا، وارتفاعه 25 مترا، وعرضه عند القمة 10 أمتار، ويشبه في أسلوب بنائه بقية السدود التاريخية بالطائف من حيث الجدارين المتوازيين اللذين يتوسطهما «رديم الدبش»، والواجهة الخلفية للسد المبنية بكتل حجرية أكبر من تلك التي في الواجهة الأمامية، كما يلاحظ التدرج في الواجهة الخلفية كما هو الحال في سد سيسد، وهذا التدرج يساعد السد على تحمل قوة تدفق مياه السيول القادمة بقوة عند اصطدامها بجدار السد الأمامي.