د. نورة عبدالله الهديب تكتب:

اجتهدت حكومتنا الرشيدة في أخذ الاحتياطات الاحترازية للحفاظ على صحة المواطن والمقيم. وذلك بتوفير الأدوات والرعاية الكاملة والخدمات الأمنية وغيرها من الأمور التي أثبتت سياستها المحنكة في كيفية إدارة الأزمات. وفي ظل هذه الأزمة، رأينا دور مملكتنا في كيفية الاهتمام والمحافظة على حقوق الإنسان بشكل تطبيقي دون بهرجة أو رياء، كما تفعل بعض المجتمعات الأخرى.

الحجر المنزلي ومنع التجول.. كان أحد الإجراءات الاحترازية للسيطرة على تقليص مساحة انتشار الوباء في المجتمع. وواجبنا كمجتمع متكاتف أن نقف يدًا بيد مع الأنظمة؛ لنساهم ولو بشكل بسيط عن طريق الالتزام فقط. والمواطن الواعي والمدرك لعواقب الوباء سوف يلتزم بالأنظمة المعطاة، وهذا ما نراه في مجتمعنا «ولله الحمد». ولكن، يبدو أن إجراء منع التجول وأهميته يحتاج إلى توعية مُسبقة لفئة غاب عنها الوعي بالنسبة لأهمية المنع وأسبابه ومسبباته والنتائج المرجوه من بعده. اجتهاد الجهات الأمنية في التوعية كان جليًا، إلا أن استهتار البعض لأسباب معينة قد جعل المنع بالنسبة لهم كنوع من الترفيه الهزلي والتحدي الأرعن. وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي قد عمد الحمقى من المستهترون على توثيق حماقتهم بالصوت والصورة بأشكال وأساليب متعددة توضح مستوى الحماقة بينهم. وكمواطنة باحثة مهتمة بالشؤون الاجتماعية، لاحظت أن توثيق الحماقة عند المستهترين أصبح من الأمور الضرورية، وذلك لأغراض مختلفة. على سبيل المثال، حب الظهور للوصول إلى الشهرة بسلوك شاذ، والاستخفاف بالأنظمة للتميز و«الهياط» وغيرها من الأغراض الفارغة كانت هدف مَن لا هدف له في هذه الحياة.

أعتقد أن هؤلاء وغيرهم ممن لهم رغبة مماثلة، يحتاجون إلى إعادة تأهيل سلوكي عن طريق مراكز أو مؤسسات سلوكية مستحدثة تجمع بين التعليم والتربية والخدمة الاجتماعية والصحية والتجارية. فرؤيتهم للالتزام على أنه أمر اختياري وليس إجباريًا يَصْب في مصلحتهم لم يكن بشكل صحيح وذلك كما ذكرت سابقًا كان بسبب الجهل. ولَم يتوقف الأمر عند نقطة المنع، بل تعدى أمرهم على كيفية الوقاية من الوباء عن طريق الاستهتار لغرض الظهور والشهرة. من وجهة نظري، ما زال الجهل بالنسبة لهؤلاء يُعتبر «قيمة سلوكية»؛ ليتفرد بها عن غيرة من الجهلاء. لذلك، أتمنى بعد أن نتخطى هذه الأزمة- بإذن الله- أن يجتهد المختصون بإنشاء المراكز التي تُعنى بأهمية العناية بالقيمة الإنسانية في المجال الصحي والتربوي والتعليمي وغيرها؛ بهدف نشر الوعي لأكبر عددٍ ممكن لمصلحة الوطن والمواطن والمقيم. الجهات الأمنية لم تقصر في خدماتها، وكانت واضحة في وضع قوانينها وسهلة التطبيق، ولكن الاستهتار من البعض قد جعلنا نعي حزم القانون وصرامته.

وأخيرًا..الحمد لله على نعمة هذا الوطن الذي جعلنا نشعر بالقيمة الإنسانية التي فقدتها بعض المجتمعات، والتي كانت تهتم بحقوق الإنسان خطابيًا وتطبيقيًا. مملكتنا هي الإنسانية التي يتمناها ذلك الحاقد الذي كان يُثير الجدل حول حقوق الإنسان في وطننا.