صالح بن حنيتم

جائحة فيروس كورونا اجتاحت العالم وما زالت تفتك به صحيا واقتصاديا فقد انتشر في أكثر من 190 دولة، ومع سرعة انتشار هذا الفيروس التي تعدت الحدود بين الدول والقارات، أصبح حديث الساعة ومن الطبيعي أن تكون مفردة (كورونا) ضمن أغلب عناوين المقالات، فالكاتب الاقتصادي لديه ما يكتبه عن تأثير كورونا، وكذلك السياسي، ورجل الأعمال وصانع القرار وغيرهم.

وبحكم اهتمامي بالسلامة المرورية من جانب والجلسة الطويلة بالبيت امتثالا للتوجيهات (#خلك_بالبيت) من جانب آخر وجدتني أتأمل بعض المفارقات بين هذا الفيروس وفيروس التهور المروري، ففيروس كورونا سريع الانتشار والعدوى ولكنه قابل للعلاج إن تمت عملية العزل والحجر على المصابين كما هو مطبق الآن عند أغلب الدول.

بينما فيروس التهور في القيادة أقل سرعة عند الانتشار من فيروس كورونا وهذه تحسب له ولكن من الصعوبة التغلب عليه بنفس طريقة التعامل مع كورونا وهنا المعضلة، فهل ينفع حجر المتهور كما يحدث مع مصاب كورونا!؟ مقارنة أخرى فيروس كورونا يصيب الجهاز التنفسي بينما فيروس التهور يصيب الجهاز العصبي والعقلي معا!، كورونا يعديك عندما تحتك بمصاب لا قدر الله بينما المصاب بفيروس التهور المروري قد يعدمك عند أحد التقاطعات أو على الطرق السريعة، وشتان بين العدوى والإعدام... كفانا الله شرهما.

وكون الوباء حديث الساعة، أصبح أغلب الناس من المهتمين بأخباره ولديهم معلومات كاملة عن أسباب المرض وطريقة انتقاله وكيفية الوقاية منه، بينما تفاعل الحكومات مع الأزمة تفاوت فهناك دول تباطأت وأخرى أسرعت واستشعرت خطورة تفشي كورونا، ففي بلدنا بحمد الله تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة والصارمة حيث علقت الدراسة ومنعت التجمعات، وتم إيقاف الرحلات والمباريات حتى وصل الأمر لمنع الصلاة في المساجد لخطورة الوباء وأهمية (التباعد المجتمعي) social distancing الذي أصبح مصطلحا دارجا في وسائل الإعلام، وأخيرا اضطرت حكومتنا لمنع التجول حرصا على سلامة المواطن والمقيم.

السؤال، ما بعد كورونا عندما يصبح الحديث عنه من الماضي، سنبقى لزمن نتحدث بكل فخر وإيجابية كيف كان تعاملنا مع هذا الوباء حكومة وشعبا، هل نستطيع أن نعمل بكل جد وصرامة لكبح جماح فيروس الحوادث المرورية بنفس الاحتياطات، لأن النتيجة النهائية لكليهما خسائر بشرية!؟ لمن يجهل عدد ضحايا الحوادث المرورية في بلدنا، نحن نفقد ما يزيد على 6000 شخص سنويا، وعدد ضحايا الحوادث المرورية عالميا حسب ما أوضحته منظمة الصحة العالمية (WHO) يزيد على 1.25 مليون شخص، أليست أرقاما مفزعة كذلك وتحتاج أن نعمل للحد منها شعوبا وحكومات؟

قبل أن أختم بهذه العبارات الممزوجة بشيء من العبرات لكل متهور، لا يعتقد أحد أنني بهذه المقارنة أو المفارقات أقلل من ألم وعمق مصاب جائحة كورونا، ولكن أحببت أن أخاطب كل متهور ممن هانت عليه نفسه ونفوس الآخرين إذا كانت أعراض فيروس كورونا، تسبب ضيقا في التنفس، تراك بتصرفاتك أكثر سوءا من كورونا لأنك تسبب ضيقا في التنفس وترفع الضغط عند الآخرين ممن يشاركك الطريق! فهل تساهم بوعيك في أن نجعل الحديث عن ضحايا الحوادث المرورية والتهور من الماضي كما سيحدث قريبا بإذن الله مع أزمة كورونا؟

Saleh_hunaitem@