فهد سعدون الخالدي

كلمة خادم الحرمين الشريفين التي وجهها لشعبه الوفي يوم الخميس الماضي جاءت لتؤكد المؤكد ومع أنها بادرة لم يسبقه إليها حتى الآن على أقل أحد من الزعماء ليس في المنطقة فحسب، بل ربما في العالم بالتوجه بالحديث إلى الشعب مباشرة في هذه الظروف الصعبة التي تلم بالأوطان هذه الجائحة العالمية (كورونا)، ومما يكسب هذه الكلمة أهمية أكثر علاوة ما اتسمت به من حميمية وعبرت عنه من مشاعر المحبة لأبنائه المواطنين والمواطنات والمقيمين والمقيمات وما تمثله من مشاعر حرص الوالد على ولده في مثل هذه الظروف، إلا أنها أيضا كانت في منتهى الصراحة والشفافية من حيث الحديث عن هذا الوباء وأخطاره واحتمالات تفاقمه -لا سمح الله- والآثار التي يمكن أن تترتب على هذه المعضلة سواء في الوقت الحالي أو حتى امتداد هذا التأثير -لا سمح الله- إلى المستقبل المنظور على الأقل، وفي نفس الوقت فقد حملت الكلمة ما يطمئن به القائد المواطنين والمقيمين بما أكده أن صحة المواطن والمقيم هي بالنسبة للقيادة في المقام الأول من الاهتمام والتأكيد على بذل كل الجهود لتوفير أقصى الإمكانات للحد من آثار هذه المعضلة (كورونا) التي لا تواجهها بلادنا فقط، بل هي تشكل خطرا وتحديا للعالم كله، ولا شك أن مجرد توجيه الكلمة من القائد للشعب كان في هذا الوقت من الحكمة بمكان؛ لأن الإنسان يكون في مثل هذه الظروف أحوج ما يكون إلى ما يشد من عزيمته ويرفع معنوياته ويجعله يحسّ أنه لا يواجه مثل هذا الخطر وحيدا خاصة إذا كان ذلك من قائد تتوجه إليه بعد الله الأنظار وتعقد عليه الآمال بعد عون الله في مثل هذه الظروف. لا سيما أنه -يحفظه الله- أكد ثقته بوعي المواطن معبرا في نفس الوقت الذي يوضح حجم الخطر الأمل والتفاؤل باجتياز هذه الأزمة -إن شاء الله- وفي الوقت الذي أكدت فيه هذه الكلمة التزام الدولة بمسؤولياتها وتقديم كل الرعاية الممكنة للمواطنين والمقيمين سواء أكانوا داخل المملكة أو المواطنين الموجودين بحكم ظروفهم كالدراسة والعمل بل والسياحة والاستشفاء في مختلف أنحاء العالم الذين تكفلت الدولة بإعادتهم إلى أرض الوطن، بل وأعادت معهم مجموعات من مواطني الدول العربية ودول الخليج على وجه الخصوص أحياناً وفي نفس الوقت اعتاد المواطن أن يلقى من المؤسسات الصحية التي تتبع جهات عديدة في الدولة في مقدمتها وزارة الصحة والجامعات والقوات المسلحة وغيرها فإن الدولة وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد ضاعفت هذه الجهود في الظروف الحالية بما يمكن معه -بإذن الله- تجاوز الأزمة، مما يؤكد أن أقوال ولاة الأمر هي كما اعتاد المواطنون تسبقها الأفعال ولا تكون وعودا فقط كما يحصل في كثير من البلدان، ومما يؤكد ذلك أيضا سلسلة الإجراءات الوقائية كالعزل والحجر وتعليق الدراسة والاقتصار على الخدمات الغذائية والدوائية التي تقدمها القطاعات الاقتصادية وتعليق الرحلات الدولية والداخلية للطيران وسكة الحديد والمواصلات العامة ومنع التجمعات في المناسبات والأفراح لا سيما وأن التجمعات هي أكثر الأماكن التي تنقل المرض -لا سمح الله-، ثم جاءت الإجراءات الاقتصادية من حيث تنظيم العمل في القطاع الخاص بما يحفظ سلامة العاملين ويضمن استمرار الإنتاج بالحدود الممكنة على الأقل مع التأكيد على إعطاء الحالات الأكثر احتمالا للتعرض للإصابة إجازات طارئة مدفوعة الأجر وما صاحب ذلك من إعفاءات للمؤسسات والشركات من بعض الرسوم وتأجيل تحصيل البعض الآخر بعد فترة إعفاء محددة مساهمة من الدولة في المحافظة على استمرار هذه المؤسسات وتخفيف ما قد تتعرض له من خسائر جراء الإجراءات الاحترازية التي اتخذت لمواجهة كورونا ومن ذلك تأجيل تقدير ضريبة القيمة المضافة والدخل والسلع الانتقائية وتحصيل الرسوم الجمركية وتأجيل رسوم دفع بعض الخدمات البلدية والحكومية، وكذلك تأشيرات العمالة وتأشيرات الخروج والعودة والإقامة وغيرها، وقد بلغت قيمة الدعم المقدم لهذه القطاعات حوالي سبعين مليار ريال إضافة إلى ما قدمته مؤسسة النقد السعودية من دعم للمؤسسات المالية والمنشآت الصغيرة في مجال الإعفاء عن المقابل المالي للوافدين لمدة ثلاثة أشهر وغير ذلك بما تبلغ قيمته أيضا خمسين مليار ريال. ومع ذلك كله فإن من المتوقع أن تستمر الدولة كعادتها في تلمس آثار الجائحة على المواطنين وشمولهم بالمزيد من المبادرات التي تخفف آثار هذه المعضلة حتى اجتياز ظروفها -بإذن الله-. وماذا عن واجب المواطن والمقيم؟؟.. أختصر ذلك بعبارة واحدة هي «طاعة ولي الأمر»، لا سيما وأن ثقتنا كاملة أنه الأكثر حرصا واهتماما والأكثر استعدادا للبذل من أجلنا، وأن نكون على يقين أن كل ما يتخذ من إجراءات من قبل الدولة ومؤسساتها هو لصالحنا ويهدف إلى سلامة المواطن والمقيم، وأن نحمد الله سبحانه وتعالى أن وهب لنا من يراعي شؤوننا بإخلاص، وأنعم على الوطن بالموارد والثروات التي تمكنه من الاهتمام بأبنائه ورعايتهم والعمل على سلامتهم ورفاههم في كافة الظروف.

fahad_otaish@