ترجمة: إسلام فرج

الفيروس أخطر أزمة في القرن.. واستجابة معظم الحكومات بطيئة

أكدت وكالة «بلومبرغ» الأمريكية، تزايد احتمالية حدوث ركود عالمي، مع القيود المتزايدة يوما بعد يوم على تدفق السلع والخدمات والأشخاص، في ظل تفشي فيروس «كورونا».

وبحسب تقرير لـ «إندا كوران» و«مايكل جامرسكو»، أوقف الرئيس دونالد ترامب السفر إلى الولايات المتحدة من أوروبا، وأمرت الحكومة الإيطالية بإغلاق كل المتاجر تقريبا، وعلقت الهند معظم التأشيرات، وانضمت شركة «تويتر» إلى سيل الشركات التي طلبت من الموظفين العمل من المنزل، وعلق الاتحاد الأمريكي لكرة السلة جدول مباريات موسم اللعبة.

الخوف يتسع

وأضاف تقرير «بلومبرغ» : «في حين أن هذه الإعلانات تهدف إلى احتواء الفيروس التاجي، إلا أن كل مدينة معزولة، والرحلات الملغاة ستؤثر على الطلب في جميع أنحاء العالم في هذا الربع من العام وربما لمدة أطول. وقد يلي الاندفاع الأولي للمستهلكين على تخزين الإمدادات شهور من ضبط النفس الحذر».

ونقل التقرير عن إد يارديني، رئيس ومؤسس شركة يارديني للأبحاث قوله في مذكرة بحثية: «لا يزال وباء الخوف الناتج عن الفيروس ينتشر، ومن المحتم أن يسبب ركودا عالميا».

وأردف: «تبددت الآمال التي كانت معقودة منذ بضعة أسابيع على أن الاقتصاد العالمي سوف يتبع مساراً على شكل حرف V، بمعنى حدوث هبوط حاد في النمو في الربع الأول يليه انتعاش في الربع الثاني». وقال التقرير: «لكن الآن، تثير أكبر صدمة اقتصادية منذ الأزمة المالية لعام 2008 خطر حدوث ركود عالمي، حيث يتحول النقاش إلى مدى طول وعمق الركود».

وبحسب «بلومبرغ»، واصلت عائدات الأسهم والسندات تراجعها يوم الخميس الماضي، حيث أصبح مؤشر MSCI العالمي للأسهم على وشك دخول مرحلة هبوط السوق.

انكماش الاقتصاد

وأوضح التقرير أن : «الصين في طريقها بالفعل لما قد يكون أول انكماش ربع سنوي منذ عقود. في الولايات المتحدة، يشير نموذج بلومبرغ إيكونوميكس إلى وجود احتمال بنسبة 53 % لانتهاء التوسع الذي استمر 11 عاما في غضون عام».

وأردف: «كانت اقتصادات اليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا تنكمش بالفعل، أو توقفت، قبل تفشي الفيروس، والمملكة المتحدة تتأرجح وسط حالة عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».

ونقل عن يواكيم فيلز، كبير مستشاري الاقتصاد العالمي في باسيفيك انفستمنت مانجمنت كو، قوله: «تواجه الولايات المتحدة وأوروبا احتمالات ركود واضحة».

كما نقل عن وزير الخزانة الأمريكي السابق لاري سمرز، قوله: إن الفيروس التاجي قد يثبت أنه أخطر أزمة في القرن حتى الآن، ويضع احتمالات الركود في الولايات المتحدة عند 80 %.

وأشار إلى أن اقتصاديي وول ستريت، الذين هم تقليديا أكثر تحفظا في التحدث عن ركود، يخفضون توقعاتهم أيضا.

خطر الركود

ومضت تقول: «خفض أولئك الموجودون في بنك أوف أمريكا كورب توقعات النمو العالمي لعام 2020 من 2.8 % إلى 2.2 %».

وأكدوا لعملائهم هذا الأسبوع أن خطر الركود العالمي ارتفع بشكل كبير، قائلين: إن إحياء الثقة يتطلب رؤية تلاشي الفيروس، واستجابة أقوى وأكثر إبداعا من قبل صانعي السياسة الاقتصادية، وألا تلغي الشركات الوظائف وألا توقف البنوك الإقراض.

ومضت الوكالة الأمريكية تقول: «يكافح صانعو السياسة بالفعل لمواكبة الأمر، مما يزيد من القلق من أن الطلب المنخفض لن يخففه التحفيز».

ونوهت بأن خفض سعر الفائدة الذي أقره الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 3 مارس فشل في تعزيز ثقة المستثمرين، مما زاد من الضغط على مسؤوليه لتخفيف السياسة النقدية وربما خفض أسعار الفائدة إلى الصفر عندما يجتمعون الأسبوع المقبل إن لم يكن في وقت أقرب.

وزادت: «هناك أيضا دعوات له كي يحذو حذو نظيره الإنجليزي في توجيه المساعدة إلى أجزاء من الاقتصاد تشتد حاجتها».

وأشارت الوكالة إلى أن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أبلغت القادة الأوروبيين بأن المنطقة عرضة لخطر صدمة اقتصادية على غرار أزمة العقد الماضي ما لم يتحركوا بشكل عاجل، لكن لديها أيضا قدرة محدودة على الاستجابة نظرًا لأن أسعار الفائدة في منطقة اليورو سلبية بالفعل، وهي نفس المشكلة التي يواجهها محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا أيضا.

تحرك بطيئ

وأكدت أن الحكومات تثبت مرة أخرى أنها بطيئة في الاستعداد للأزمة، حيث تنتظر الأغلبية إصابة دولها قبل أن تتحول إلى التحرك ببطء.

«في حين أن المزيد من الحكومات تطرح حزم التحفيز في جميع أنحاء العالم وتقدم أكثر من 130 مليار دولار من خطوات الإغاثة من الفيروسات، كانت إدارة ترامب بطيئة في صياغة خطة بعد التشكيك في البداية في الحاجة إلى مثل هذه الخطة».

وأردفت: «وعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بكل ما هو ضروري، لكن الخطاب لم يقابله دفعة مالية في أكبر اقتصاد أوروبي» بحسب التقرير.

ونقلت الوكالة عن تيمور بيغ، كبير الاقتصاديين في DBS في سنغافورة، قوله: في بعض النواحي، تأثير تفشي الفيروس أكثر إثارة للقلق من الأزمة المالية، نظرا لأنه يضرب العديد من قنوات المستهلكين والشركات، وقد قضى على آفاق الانتعاش الكامل في بعض القطاعات.

وأفاد بيغ، الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي، قوله: «هذا هو التحول المعاكس من منظور انتشار الأزمة. الآن لدينا قطاع الخدمات يقترب من طريق مسدود في جميع أنحاء العالم، في حين أن النظام المالي لا يزال يتمتع بصحة جيدة نسبياً».

وختم حديثه بالقول: في حين أن أزمة 2008-2009 كانت أزمة مالية كلاسيكية، فإن هذه المرة لا تتعلق بإصلاح البنوك أو وضع رأس المال، لكنها تتعلق بالقول إن الجائحة قد انتهت. وهذا ما يجعل الأمر غير مؤكد، حيث ثبت أنه من الصعب السيطرة على الفيروس.