بقلم - شارلي جرانت

آثار كوفيد 19 ستبقى بعد انتهاء الأزمة

عندما يستقر الغبار وتنتهي أزمة فيروس كوفيد 19/‏ Covid-19، قد يضطر المستثمرون إلى مواجهة تغييرات كبيرة في نظام الرعاية الصحية الأمريكي الضخم.

فمدى فعالية الولايات المتحدة في التغلب على فيروس كورونا الجديد، ومرافق النظام التي لمعت أو خيبت الآمال خلال الأزمة، قد تحدد ما إذا كانت الحكومة الفيدرالية ستوسع دورها في النظام الحالي أو تقلله.

ويمثل قطاع الرعاية الصحية أكثر من سدس إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، كما أن قيمة صانعي الأدوية وشركات التأمين وشركات المستشفيات كلها معلقة في ميزان فيروس كورونا الآن.

ونظرا لمثل هذه المخاطر العالية، ناهيك عن مدى إلحاح الجمهور على تطوير القطاع، فإن هذه الأمور دائما ما تكون مثيرة للجدل.

وبدت خطوط الصدع في قطاع الرعاية الصحية الأمريكي واضحة مع بدء الدورة الانتخابية لعام 2020، حيث دعم المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية بيرني ساندرز برنامج «الرعاية الطبية للجميع»، بينما فضل جو بايدن والرئيس الحالي دونالد ترامب مزيجا لا مركزيا من التأمين العام والخاص، مثل النهج الموجود الآن بموجب قانون الرعاية بأسعار معقولة.

لكن ظهور الوباء يعني أن افتراضات المستثمرين ستختبر القطاع بطرق يصعب التنبؤ بها؛ وذلك لأن مدى جودة تحمل نظام الرعاية الصحية لتلك الأزمة، في ظل تضخم محتمل لعدد المرضى يعد أمرا ضروريا للصحة العامة، وصحة الاقتصاد الأمريكي ككل.

وعلى هذه الجبهة، هناك سبب حقيقي للقلق، حيث قالت نيويورك- بريسبيتيريان NewYork-Presbyterian، وهي أحد أكبر أنظمة المستشفيات في مدينة نيويورك، يوم السبت الماضي: إنها ستوقف جميع العمليات الجراحية والإجراءات الطبية الاختيارية.

وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كوموAndrew Cuomo يوم الأحد الماضي: «إنها مسألة وقت فقط قبل أن تصبح أسرة العناية المركزة كلها ممتلئة».

ومن المرجح أن تفيد النتيجة الأكثر إيجابية وتفاؤلا الوضع الراهن للصناعة. إذا تمكنت المستشفيات من معالجة الأعداد الكبيرة للمصابين بفيروس كورونا دون أن تعجز أمامها، وقتها لن تصبح السياسة الصحية في صدارة اهتمامات الناخبين، إذا ما تحولت طوارئ الصحة العامة إلى الهدوء.

ولكن وعلى الجانب المعاكس، قد تتعقد الأمور في سيناريو أكثر مأساوية، إذا كان تدفق المرضى أكثر من اللازم بالنسبة للنظام، حيث لا يمكن لكل مريض الحصول على الرعاية اللازمة، وقتها قد يعاني القطاع من فقدان الثقة في نموذج أرباح شركات التأمين الصحي الخاصة الكبيرة والمستشفيات.

وفي دول العالم الأخرى، استجابت الدول الأجنبية ذات أنظمة الرعاية الصحية المؤممة بشكل أقوى للمراحل المبكرة من الوباء.

على العكس من ذلك، من الممكن أن تعلق أخبار الاستجابة البطيئة من الحكومة الفيدرالية في اختبار المرضى في أذهان الناخبين والمستهلكين في الولايات المتحدة. وقتها ستتحمل الإدارات الصحية في الولايات والمحليات، وكذلك الشركات الكبيرة في القطاع الخاص، المسؤولية.

وعلى الرغم من ذلك، لا ينبغي على المستثمرين الاعتماد على رد الفعل الأخير في القطاع فقط. فقد يدفع السيناريو الأسوأ الناخبين نحو المطالبة بعمل تغييرات أكثر جذرية في النظام الصحي الأمريكي بأكمله.

وفي ظل هذا السيناريو، قد تفقد شركات الأدوية وشركات تصنيع الأجهزة الطبية بعضا من قدرتها على التسعير للأدوية، في حين أن النموذج التجاري لشركات التأمين الصحي والمستشفيات سيواجه على الأرجح مطالبات بعمل إصلاحات كاملة.

ثم هناك سؤال هام آخر، وهو أي المؤسسات ستترك علامة أكثر وضوحا عند الجمهور الأمريكي في الاستجابة للأزمة؟، وكيف سيتم ذلك؟.. وهنا لا بد للمستشفيات من الشعور بالضيق إذا تم تأجيل الإجراءات الاختيارية للمؤسسة الصحية لفترة طويلة، والتي تميل إلى أن تكون مركز ربح رئيسيا لهذه المؤسسات.

أيضا إذا تكبدت شركات التأمين الصحي نفقات أعلى للرعاية مما كان متوقعا، فمن المرجح أن تكون هناك زيادات كبيرة في الأقساط لأصحاب العمل والأفراد في عام 2021. وقد يؤدي هذا أيضا إلى إجهاد دافعي الضرائب وحملة السندات، من بين مجموعات أخرى من المتحملين للنفقات الزائدة.

ويمكن أن يواجه المرضى غير المؤمن عليهم فواتير طبية كبيرة. وبالطبع، فإن أي دواء يثبت فائدته في مكافحة كوفيد 19 قد يواجه تمحيصا كبيرا بشأن سعره.

وفي نفس الإطار، ستتم إعادة النظر في هيكل سلاسل التوريد لمعدات المستشفيات الأساسية والمكونات النشطة المستخدمة في صناعة الأدوية، وكذلك النظر في الاعتماد على الصين والدول الأخرى في ذلك القطاع.

وفي الخلاصة، يمكن القول: إنه من المرجح أن تستمر المشكلات والتأثيرات السلبية التي كشفتها أزمة كوفيد 19 على قطاع الرعاية الصحية الأمريكي إلى أبعاد أسوأ من تفشي المرض نفسه.