فهد السلمان

فاجأني فيديو قصير لأحد الشباب السعوديين، وهو يستعرض في عجالة الخدمات التي تقدمها جمعية دواء الخيرية في مكة المكرمة، والتي تقدم الأدوية مجانا لذوي الأمراض المزمنة، ممن لا يستطيعون تأمينها أو شراءها. وأقول: فاجأني لأني لم أكن أعرف عن هذه الجمعية الرائدة والمتفردة والنوعية قبل هذا الفيديو، غير أن المفاجأة الأكبر هي أنني حينما بحثت عنها، وسألت (جوجل) وجدت أنها تأسست قبل أكثر من عشر سنوات تقريبا، ولا أعفي نفسي من التقصير في الجهل بهذا المشروع الإنساني المتميز، لكني أعتقد أنه كان يترتب على مجلس إدارة هذه الجمعية، وإدارتها التنفيذية، والذين سعوا إلى هذا العمل النبيل، أن يكثفوا الترويج لها في الإعلام، وعبر مختلف الوسائل، وصولا إلى تحقيق رؤيتهم لها، والتي تستهدف خدمة كل محتاجي الدواء في الوطن العربي، ونشر صيدلياتها في أرجاء المملكة، عوضا عن أن تظل لشح الإمكانيات مقصورة على منطقة مكة المكرمة.

بصراحة الفكرة رائعة، ورائدة وإنسانية وعظيمة، وتسد ثغرة، لا بل ثغرات في قضية تأمين الدواء، إضافة إلى أنها تفتح بابا للإفادة من فائض الأدوية التي تمتلئ بها صيدليات منازلنا، ولم تستهلك إما لزيادتها عن الحاجة، أو لعدم مناسبة الدواء، والتي غالبا ما يكون مصيرها مكبات النفايات، رغم ارتفاع أثمان بعضها، لهذا السبب كنت أتمنى، وما زلت.. أن تتشكل إدارات فرعية للجمعية في مختلف المناطق من المتطوعين، وأن يتم إعداد حملة إعلانية احترافية واسعة لخدمات الجمعية، بحيث تصل الفكرة واضحة للناس، ويبدؤون التفاعل معها، ودعمها، والمبادرة بإيصال الأدوية الفائضة عن الحاجة إليها، إلى جانب فتح باب التبرع ببعض الأدوية مرتفعة القيمة، والتي تخص الأمراض المزمنة، وأنا على يقين أنه متى ما وصلت الفكرة للناس بوضوح، فإن هذه الجمعية ستأخذ موقعها الذي تستحقه كجمعية فريدة، وستجد من التفاعل والتجاوب مع مشروعها ما يحولها إلى مؤسسة ضخمة، لا تتوقف خدماتها في محيط الوطن وحسب، ولا الوطن العربي وحسب، وإنما يمكن أن تمتد خدماتها للعالم الإسلامي، والمجتمع الإنساني قاطبة، لأنها تقدم خدمة تعويضية لمن لا تمكنه ظروفه من الحصول على الدواء، وتحمي بنفس الوقت من الهدر الدوائي الذي يتلف الكثير من الأموال بالتخلص من الفائض منها عن الحاجة.

لذلك وبقدر ما أحيي جمعية دواء الخيرية بمكة المكرمة، وأحيي مجلس إدارتها، بقدر ما أناشدهم ترقية هذا المشروع، وتطويره، ودعم حضوره إعلاميا ليكبر ويكبر، ويحقق ما تمنوه له، ويكون بحجم تطلعاتهم، سائلا الله تعالى ألا يمضي أكثر من عام واحد، إلا وقد امتدت فروع هذه الجمعية إلى 13 منطقة، وانتشرت صيدلياتها في مختلف المدن والبلدات، وأنا على ثقة من أن ذلك سيتحقق متى آمنت إدارة الجمعية بالإعلام بمختلف أدواته كشريك رئيس لإيصال صوتها ورسالتها، وفقهم الله، وشكر سعيهم الجليل.

fmsr888@gmail.com