بقلم: نتانيل تابلين

الشركات الصينية تعيش في حصار اقتصادي

لم تعد شركات القطاع الخاص الصينية، التي خسرت تريليونات اليوانات بسبب فيروس كورونا في وضع يسمح لها بزيادة الواردات بشكل كبير. وتحت واقع حصار كوفيد 19 الجديد، يستعد الاقتصاد الصيني للانكماش في الربع الأول، والمعاناة من نمو أقل بشكل حاد هذا العام.

على الجانب الآخر، وتحت واقع حصار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - هو الآخر- في عام 2019، وافقت بكين بالفعل على تعزيز مشتريات السلع الأمريكية بنحو 80 مليار دولار في عام 2020 مقارنة بمستويات عام 2017.

والسؤال الآن هو: هل هذان الواقعان متوافقان؟ حسنا، يبدو أن إدارة ترامب تعتقد ذلك.

ففي أواخر شهر فبراير الماضي، قال الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر Robert Lighthizer ووزير الزراعة سوني بيردو Sonny Perdue إنهما لا يزالان يتوقعان وفاء الصين باتفاقية المرحلة الأولى من الصفقة التجارية، التي تم التوقيع عليها مؤخرا.

ولكن في رأيي يجب على المستثمرين أن يستعدوا لخيبة أمل كبيرة، حيث ظهر في البداية أن الوفاء بالتزامات الشراء الطموحة في الصفقة قابل للتحقيق، لكن الضربة الهائلة التي تلقتها التدفقات النقدية للشركات الصينية بسبب فيروس كورونا تصل إلى أربعة تريليونات يوان (ما يعادل 577 مليار دولار) وفقا لبعض التقديرات، وهو ما يجعل الوفاء بتلك الالتزامات تقريبا أمرا مستحيلا.

وتكمن المشكلة هنا في أن شركات القطاع الخاص الصينية، وليس الشركات الحكومية، هي أكبر المشترين للسلع المصنعة الأمريكية، كما أن الشركات الخاصة هي الأكثر تعرضا لخطر الجفاف النقدي بسبب فيروس كورونا، نظرا لأنها عادة لا تستطيع الاقتراض بثمن بخس مثل نظيراتها المملوكة للدولة.

وتحظى التزامات شراء قطاعات الطاقة والزراعة الجديدة الكبيرة في الصفقة التجارية -31 مليار دولار في السنة الأولى- باهتمام كبير. لكن الالتزام الأكبر لعام 2020 يتعلق بالفعل بالسلع المصنعة، التي تبلغ قيمتها 33 مليار دولار.

وتظهر ورقة بحثية جديدة أجراها كل من تشاد باون Chad Bown وماري لافلي Mary Lovely في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي مدى صعوبة ذلك، حتى بدون الرياح المعاكسة، التي تسبب فيها فيروس كورونا.

فمن بين الشركات الصينية هناك الشركات المملوكة للدولة، وهي المشتري الرئيس للطائرات الأمريكية. ولكن بالنسبة لباقي صادرات التصنيع الأمريكية الرئيسة الأخرى تقريبا، فإن المشترين الصينيين من القطاع الخاص هم الأكثر أهمية.

ووفقا لباون ولافلي، فإن مشتري القطاع الخاص الصينيين في عام 2015 شكلوا: 68% من صادرات السيارات الأمريكية، و77% من صادرات المعدات الكهربائية، و89% من صادرات الأدوية الأمريكية، و70% من صادرات الآلات الصناعية، و67% من صادرات الولايات المتحدة من الأجهزة البصرية والطبية إلى الصين.

ومما زاد الطين بلة، أن الصفقة التجارية لم تزل بالفعل معظم التعريفات الصينية المضافة إلى السلع الأمريكية خلال الحرب التجارية. فاعتبارا من منتصف فبراير الماضي، كان متوسط إجمالي التعريفة الجمركية على السلع المصنعة الأمريكية 16% في الصين، وفقا للباحثين بمعهد بيترسون - ارتفاعا من 6.9% في عام 2018 قبل الحرب التجارية، ومقارنة بـ 5.2% فقط لبقية دول العالم.

ولا يبشر هذا بمعدلات شراء كبيرة من شركات القطاع الخاص الصينية للبضائع الأمريكية، التي على عكس بعض نظيرتها المملوكة للدولة تحتاج فعليا إلى القلق الآن بشأن معدلات الربحية.

كل هذا يجعل من الصعب رؤية كيف يمكن الوفاء بالتزامات الصفقات التجارية دون تدخل حكومة بكين على نطاق أوسع في تعزيز اقتصادها، وذلك على عكس الهدف المعلن لواضعي السياسات الأمريكيين منذ فترة طويلة، الذي كان يطالب بمزيد من التدعيم لشركات القطاع الخاص في الصين في مقابل نظيرتها الحكومية.