بقلم: تيليس ديموس

الأرواح التي تؤمنها باتت في خطر كبير

خلال الفترة الحالية، يجب على قطاع التأمين على الحياة أن يقلق من خطر خسارة الأرواح التي يؤمنها، مثل قلقه من خطر خسارة السندات التي يمتلكها بالضبط. فمنذ بداية أزمة فيروس كورونا الجديد وشركات التأمين على الحياة في الولايات المتحدة أخذت على عاتقها توابع الأزمة، ولكن حتى الآن لا يركز المستثمرون في تلك الشركات فعليا على أحد أكبر التهديدات، التي يواجهونها.

ويعتبر «الانهيار غير المسبوق في عائدات السندات» بمثابة أكبر المخاطر المالية، التي يخشاها التنفيذيون والمحللون في قطاع التأمين على الحياة. وتلك المشكلة لا تعد مسألة تافهة، خاصة إذا بقيت معدلات السندات منخفضة واستمر كفاح شركات التأمين لكسب عائد لائق على محافظها الضخمة، كما أن شركات التأمين نفسها لديها مخاطر ائتمانية أخرى في محافظها الاستثمارية الكبيرة.

لكن السبب الكامن وراء تحركات السندات سلبا هذه المرة مرض قاتل، وغالبا ما تكون تلك الأسباب غائبة عن مناقشات خطط شركات التأمين، التي تعاني من صدمة كتابة شيكات بأرقام كبيرة بسبب وفاة الأشخاص المؤمن على حياتهم قبل الأوان.

ويمكن أن تؤدي الطبيعة المزدوجة للوضع الحالي إلى سيناريو سيئ تتعرض فيه ميزانيات شركات التأمين إلى ضغوط سوقية، في نفس الوقت الذي قد تتعرض فيه لضغوط بسبب خسائر بوالص التأمين.

ومع وجود العشرات من الوفيات حتى الآن بسبب كورونا أو كوفيد 19 في الولايات المتحدة، فإن النتيجة الفورية ستكون انخفاض معدلات أرباح تلك الشركات.

ويعد تأثير الأرباح المباشرة على المحافظ الاستثمارية لشركات التأمين مجرد بداية القصيدة. فبعض حاملي الأسهم في شركات التأمين على الحياة سيحصلون هذا العام على الحد الأدنى من الفائدة. ومع انخفاض الأسعار، قد تنتهي أرباح بوالص التأمين إلى اللون الأحمر (يقصد بالسالب)، مما يجبر شركات التأمين على تغطية الفرق.

وتتفاقم النتيجة إذا كانت التعويضات كبيرة بما يكفي، وسيناريوهات المخاطر التي وضعها المدققون بمعدلات منخفضة للغاية، مما سيتطلب وقتها زيادات في الاحتياطيات القانونية. ويمكن أن يهدد ذلك مدفوعات الأرباح، وإذا تفاقم الأمر بما فيه الكفاية، قد يتطلب ذلك الوضع من شركات التأمين جمع رأس المال أو حتى بيع الأصول.

ولكسب ما يكفي من المال، قد تحتاج شركات التأمين على الحياة إلى فرض رسوم أكثر بكثير على معاملاتها مستقبلا، مما قد يثبط عزيمة الناس، الذين قد يشعرون الآن بضرورة ملحة أكبر لتأمين أنفسهم.

ويقول إريك باس Erik Bass من مؤسسة أوتونوموس ريسيرش Autonomous Research: «إن الانخفاض في المعدلات يجبر شركات التأمين على الحياة على تغيير مجموعة معاملاتها بالكامل تقريبا، وفي المستوى الحالي للعائدات، نتساءل عن عدد المعاملات القابلة للاستمرار فعليا لدى شركات التأمين. ونتيجة لذلك، نتوقع انخفاض مبيعات القطاع لكل من قسمي التأمين على الحياة والمعاشات في عام 2020».

ولكن ماذا عن خطر الوفاة؟ تخبر الجداول الاكتوارية - هي جداول معدلات الوفاة أو الحياة، التي تستخدمها شركات التأمين على الحياة- لدى شركات التأمين، على سبيل المثال، أن أكثر من 99% من النساء الأمريكيات البالغات من العمر 60 عاما سيصلن إلى 61 عاما في 2020، وإذا لم يفعلن وتوفين قبل ذلك، فمن غير المرجح أن يكون السبب هو وباء كورونا المعدي.

وحتى الآن، يتسبب الوباء في سقوط العديد من الوفيات في وقت واحد أو وفاة البعض فقط ونجاة الباقين، وهو مثل وباء «الإنفلونزا الإسبانية»، الذي انتشر عام 1918 وأودى بحياة حوالي 675 ألف أمريكي أي ما يقرب من أقل من ثلث السكان وقتها، ويمكن أن يهاجم فيروس كورونا الناس وهم في عز صحتهم.

وعادة ما كانت تفترض اختبارات الإجهاد المعيارية في قطاع التأمين أن تقدم الوسائل الطبية الحديثة يعني أن حدوث وباء على غرار الإنفلونزا الإسبانية يمكن أن يحدث مرة واحدة كل 200 عام، وقد يؤدي إلى 1.5 حالة وفاة إضافية لكل 1000 شخص. وهذا يعادل حوالي نصف مليون شخص فقط في الولايات المتحدة. ولكن بعض أسوأ التقديرات لوباء كوفيد 19/‏ Covid-19 الآن تتوقع عددا أكبر من ذلك بكثير.

وليس من الضروري أن يتم التأثير على شركات التأمين عندما تصل عدد الحالات إلى هذه المستويات المروعة، بل وقد تتعرض تلك الشركات للضرر قبل زيادة عدد الوفيات بكثير، فحتى موسم الإنفلونزا السيئ يمكن أن يكون مؤثرا.

وفي الربع الأول من عام 2018، واجهت بعض شركات التأمين ضغوطا على الأرباح، مما يعكس آثار زيادة عدد وفيات الإنفلونزا أكبر من المتوقع. وتقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 61 ألف شخص في الولايات المتحدة ربما يكونون قد وافتهم المنية بسبب الإنفلونزا في موسم 2017-2018، بزيادة من 38 ألف شخص فقط في العام السابق.

ومن المرجح أن يكون لدى كبار السن تأمين على الحياة ولديهم بوالص تأمين أكبر، لكن احتياطات شركات التأمين تكون أقل بكثير بالنسبة للأشخاص في منتصف العمر، ممن لديهم بوالص تأمين محددة الأجل، وغالبا ما يدفعون مقابلها أقساطا متواضعة جدا.

وأحد الأمور الأخرى، التي يجب أن نأخذها في الاعتبار هنا هو أنه مع زيادة معدل الوفيات، قد يكون هناك عزاء للشركات في بعض بنود التأمين تحت ما يسمى «التعرض الطويل الأمد»، ومن ذلك مثلا المعاشات، التي لا تدفع بالكامل إلى أقصى حد عندما يموت حامل الوثيقة قبل الأوان.

وقد تختلف معدلات التعويضات المدفوعة أيضا، وفقا لحساب شركات التأمين لحقوق المؤمن عليه، ويتم ذلك بالموازنة بين معاملة التأمين على الحياة الأصلية، والأقساط السنوية، وأيضا أنواع الضمانات السنوية، التي يمكن أن تعني تقديم معدلات منخفضة.

ختاما، تجدر الإشارة إلى أن شركات التأمين على الحياة أيضا تمر هذا العام بأزمة وباء فيروس كورونا المحتمل في الولايات المتحدة بميزانيات عمومية أقوى نسبيا مما كانت عليه قبل عام 2008 وقت حدوث الأزمة المالية العالمية.