ترجمة: إسلام فرج

تركيا أردوغان مسؤولة عن إذكاء التوترات

أكد موقع «مودرن دبلوماسي» تحول منطقة شرق البحر المتوسط إلى نقطة ملتهبة بفعل التشابكات الجيوسياسية، التي تتسم بالصراع على الهيمنة الإقليمية والسيطرة على الموارد والتدخل الصارخ في الشؤون السياسية للآخرين.

وبحسب مقال لـ«جيمس دورسي»، الزميل البارز في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية، فإن هذا الوضع تسبب في طمس الخطوط الفاصلة بين صراعات عدة، مثل الحروب في سوريا وليبيا والصراع للسيطرة على مخزونات الغاز المكتشفة حديثا في شرق البحر المتوسط.

وأوضح «دورسي»: «كما أن الوضع الراهن يجعل المياه المتنازع عليها آخر حلقة في سلسلة الصراع على النفوذ بين روسيا والغرب».

» مخزونات الغاز

ولفت الكاتب إلى أن النزاعات المتعددة للسيطرة على مخزونات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، التي تبلغ 122 تريليون قدم مكعبة، تشبه نزع القشور الخارجية لبصلة.

ومضى يقول: «ربما يكون العنصر الأهم هنا هو مدى قدرة أوروبا في المستقبل على تقليل اعتمادها على واردات الغاز الروسي، حيث توفر روسيا حاليا نحو 40% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز».

وأشار إلى أن القدرة على تقليل واردات الغاز الروسي واستبدالها بغاز شرق المتوسط، ربما سيسمح لأوروبا بتبني موقف أكثر قوة في الصراع بين الغرب وروسيا، وهو الصراع، الذي من المحتمل أن يحدد معالم النظام العالمي الجديد.

وبحسب الكاتب، فإن اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي أجبر دوله حتى الآن على تخفيف دفاعها عن القيم الغربية في مواجهة سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي تجسدت في الاستيلاء على أراضٍ في القوقاز وأوكرانيا وترهيب دول وسط آسيا ودعم القوى اليمينية والنازية الجديدة والمعادية للمهاجرين، بهدف إضعاف الديمقراطية الليبرالية وتقوية جماعات أكثر تعاطفا مع وجهة نظر بوتين فيما يخص العالم.

» ساحة جديدة

ونقل كاتب المقال عن «ديميتري ترنين»، رئيس مركز كارنيغي موسكو، قوله: «سيظهر شرق المتوسط باعتباره ساحة صراع جديدة بين روسيا والغرب».

واستطرد: «يؤكد تيرنين أن شرق المتوسط وليس أوكرانيا أو القرم أو البلطيق أو القطب الشمالي أو جنوب شرق أوروبا، هو المكان الذي على الأغلب ستشتعل فيه التوترات».

وأردف: «لو كان العامل الاقتصادي هو الهدف الأساسي من السيطرة على موارد شرق المتوسط بالنسبة لدول مثل اليونان وقبرص ولبنان، فإن استعراض القوة هو الهدف الأساسي لدول أخرى مثل مصر وإسرائيل. وهذا الأمر ينطبق تمامًا على روسيا وتركيا، حتى بالرغم من تعارض مصالحهما ومواقفهما مؤخرا في ساحات المعارك في ليبيا وسوريا».

وأوضح أن الاتفاقية البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، التي أقيمت بموجبها منطقة اقتصادية خالصة في شرق المتوسط لصالح المزاعم التوسعية التركية، وتعزيز العلاقات بين قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر والرئيس السوري بشار الأسد، يخلقان رابطا بين الحرب في سوريا وقضية شرق المتوسط والصراع في ليبيا.

وتابع: «كل هذا يجري في وقت تناور فيه روسيا وتركيا لتفادي وقوع صدام عسكري بينهما في إدلب، آخر معاقل الجيش السوري الحر الذي تدعمه تركيا ضد قوات الحكومة السورية».

» المنطقة الاقتصادية

وأوضح أن المنطقة الاقتصادية الخالصة، التي أُنشئت ستحول دون المضي قدما في خطط إنشاء أنبوب غاز لنقل الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى الاتحاد الأوروبي.

وأشار الكاتب إلى أن النجاح في تطبيق هذه المنطقة الاقتصادية الخالصة، بالإضافة إلى التدخل العسكري التركي في سوريا، الذي أسفر عن إسقاط 3 طائرات سورية في بضعة أيام، سيبعث إشارة إلى الدول التي تسعى لأن تكون قوى إقليمية مهيمنة مفادها بأن ما لديها من عناصر قوة ربما تكون غير كافية لفرض إرادتها.

وزاد: «للمفارقة، أحد الحلول التي كان من الممكن أن تخفف من خطر حدوث صدامات أيديولوجية وجيوسياسية، وتساهم في خلق بيئة للتعاون وليس المواجهة بين الأطراف، يكمن في جزيرة قبرص المقسمة».

وأكد: «تصر تركيا على أن مشاركتها شرط أساسي لأي عملية استغلال ناجحة لغاز شرق المتوسط، وهي تعارض أي دور للشطر اليوناني من جزيرة قبرص في حال لم يتم إشراك جمهورية شمال قبرص التركية المزعومة».

وأفاد بأن أنقرة لديها قوات في الشطر الشمالي لقبرص منذ غزوها للجزيرة عام 1974، لافتا إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تعترف بالشطر الشمالي لقبرص باعتباره دولة مستقلة.

ويرى الكاتب: أن فكرة إشراك شمال قبرص في التنقيب عن الغاز ربما تكون حلمًا بعيد المنال، في هذه اللعبة الجيوسياسية الصفرية، التي يرفض فيها كثيرون تقاسم النفوذ.

«كما أن أوروبا المشغولة بمشاكلها الداخلية لدرجة تصرفها عن تبني نهج سياسي متماسك وشامل» بحسب الكاتب.

ونقل عن الباحث والكاتب حسين إبيش، قوله: «جميع العوامل التي دفعت الأطراف المتنافسة على غاز شرق المتوسط لإقامة تحالفات محلية تتشابك بشكل متزايد مع منافسات إستراتيجية ودبلوماسية وسياسية أخرى، ربما تستمر».

وبحسب «دورسي»، فإن إبيش يحمل تركيا الأردوغانية دون غيرها مسؤولية التوترات في شرق المتوسط، معتبرا إياها قوة إقليمية ساعية للهيمنة الاقتصادية والسياسية.