مصطفى محكر - الخرطوم

سيطرت أنباء ترؤس المخلوع عمر البشير لقاء داخل سجن كوبر المركزي بالعاصمة السودانية الخرطوم على مجالس المدنية، وسط عاصفة من التساؤلات حول الكيفية التي سمحت بعقد اجتماع مع قيادات حزبه المحلول.

ووصف مختصون في أحاديثهم لـ«اليوم» تلك الأنباء بالكاذبة، بالقول: إنها بالونة اختبار للشارع السوداني وتأتي أيضا في سياق «بروباغندا الإخوان» لتعطي إشارات لعضويتها بأنها ما زالت قادرة على الفعل.

اجتماع المعتقلين

وتحدثت أنباء عن لقاء المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني السوداني المحلول، داخل السجن بدون تسجيل محضر للاجتماع، وفقا لما أورده موقع «سودان فيرست»، الذي أشار إلى أن الاجتماع بدأ بتقرير عن مجمل الأوضاع بما فيها المعتقلون أنفسهم وطريقة التعاون مع لجان التحقيق بجانب التطورات السياسية بالبلاد، وأن المخلوع أكد ثقته في القيادات العسكرية التي تقود الحكم في البلاد.

وقال مصدر: إن الاجتماع الذي رأسه البشير ضم نائبه الأسبق علي عثمان محمد طه، ونائبه ووزير الدفاع السابق بكري حسن صالح، وعبدالرحيم محمد حسين المقرب من البشير منذ قيادته للانقلاب العسكري في يونيو 1989، ونافع علي نافع مدير الأمن الأسبق والمسؤول البارز بالحزب، وعوض الجاز وزير النفط السابق، ونائب رئيس الجمهورية السابق حسبو محمد عبدالرحمن، وأحمد هارون، آخر من تولى قيادة الحزب قبل سقوطه.

» الشارع السياسي

من جهته، شكك أستاذ العلوم السياسية د. محمد يوسف محمد، في عقد الاجتماع، وقال: ربما أراد الحزب المحلول أن يجعل من هذا التسريب بالونة اختبار لمعرفة ردة فعل الشارع السياسي، وأكد أن حزب المؤتمر الوطني أصبح في ذمة التاريخ، وعلى أعضائه التعامل بعقلانية مع المستجدات الآنية، والاعتراف بوجود ثورة سودانية أنجزت، وأن عجلة التاريخ لن تدور إلى الوراء.

وطالب د. محمد قيادة الحزب بالاعتذار للشعب السوداني عن التردي السياسي والاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد في عهدهم، مبينا أن الصعوبات التي تجابه الحكومة الانتقالية برئاسة د. عبدالله حمدوك هي نتاج طبيعي لحالة التخبط الممارس على مدى ثلاثة عقود.

» اجتماع غاضب

وكان للمحامي د. عبدالرحمن محمد علي رأي مختلف، حيث أكد على حدوث الاجتماع، مبينا أن هناك حقائق لم تنقل، من بينها أن عمر البشير بدأ الاجتماع غاضبا وهو يوجه صوت لوم على التراخي في حسم التظاهرات، والحيلولة دون دخول المتظاهرين محيط القيادة العامة، كما أنه وجه انتقادات لاذعة لمدير المخابرات السابق صلاح قوش ووصفه بـ«الخائن»، مشيرا إلى أن قوش ضلل القيادة السياسية حول طبيعة الموقف، وكان يخطط لاعتلاء كرسي الرئاسة، غير أنه استغل من قبل قوة الحرية والتغيير وحينما انتهى دوره أبعدوه.

وأضاف د.علي: كثير من السياسيين في الساحة لا يرفضون التعاطي مع حزب المؤتمر الوطني، بل يطالبون بمحاسبة ممارسي الفساد دون إقصاء، باعتبار أن مبادئ الحرية والتغيير تقتضي بأن يمارس الجميع الحياة السياسية، وليكون الاختيار للشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة تعقب الفترة الانتقالية، مؤكدا أن من شأن ذلك تحقيق ديمومة الديمقراطية بالبلاد التي تتطلع للتعامل المفتوح مع جميع دول العالم.

» ورطة حزب

أما القيادي بقوى الحرية والتغيير طه محمد يس، فقد قلل من أهمية الاجتماع حال حقيقته، وقال: ماذا سيقدم البشير لحزبه المحلول وهو داخل السجن؟ مشيرا إلى أن المخلوع حينما كان على رأس الدولة لم يستطع إخراج الحزب والحكومة من الورطة التي وجدت نفسها فيها نتيجة السياسات المضطربة التي أوصلت الشعب للمعاناة المعاشة حاليا.

وشدد على أن الدوائر الحكومية لن تلتفت لمثل هذه التسريبات، سواء كانت حقيقة أم بالونة اختبار، فهناك تحديات كبيرة تواجه البلاد، في مقدمتها الوضع الاقتصادي الصعب، داعيا جميع قوى الثورة لعدم الالتفات لمثل هذه التسريبات التي لا تعني الشعب في شيء، مؤكدا أن المخلوع وحزبه لا يمتلكان رصيدا شعبيا حتى يتحدثوا عن مشاكل البلاد.