ترجمة - نورهان عباس

عشرات الآلاف من محاولات الاختراق تتم يوميا حول العالم

خلال العقد الماضي، تعرضت آلاف الدول والمؤسسات للقرصنة الإلكترونية، وهو ما وصفه بعض المحللين بـ«عقد اختراق الأمن السيبراني»، وكانت الخسائر الناتجة عن تلك الهجمات لا تقل فداحة عن الحوادث الإرهابية والحروب العسكرية الكبرى، ولكن الفارق الوحيد، هو أن تلك الحوادث والحروب تتم وجها لوجه، بينما تتم القرصنة الإلكترونية في غرف معتمة من وراء الشاشات على يد أشخاص قد تعيش عمرك بأكمله وأنت لا تعرف عنهم شيئا. وتقول وسائل الإعلام الدولي حول العالم، إنه رغم التحذيرات الشديدة ومحاولات التعزيز الأمني الحاسوبي المستمرة، إلا أن الخبراء يتوقعون أن يكون العقد المقبل الأسوأ في شدة هجماته الإلكترونية على دول ومنظمات وأفراد بعينهم، وأن يدخل ذلك السلاح الفتاك ضمن وسائل الحرب المستقبلية غير المشروعة وغير القابلة للصد أو الإيقاف.

» خطورة الهجمات

وتقول صحيفة «ديكان هيرالد» العالمية، إن هناك عشرات الآلاف من محاولات الاختراق تتم يوميا في كل الدول، على يد قراصنة يتنوعون من حيث طرق تنفيذ عملياتهم وحجم أهدافهم نفسها.

وتشير الصحيفة، على نسختها الإلكترونية، إلى أن هناك أنواعا جديدة من الفيروسات الحاسوبية، التي تظهر كل يوم، وتبدو خطورة هذه الهجمات الإلكترونية مع تزايد اعتماد الأفراد والدول على تكنولوجيا المعلومات في إدارة شؤونها.

وتضيف: «ما يهدد الأمن القومي للدول لم يعد مقصورا على الأمن التقليدي، مثل: حماية حدود الدول من العدوان الخارجي، بل امتد ذلك إلى حماية مؤسسات الدولة والمواطنين من أي هجمات إلكترونية تحقق خسائر قد تكون أكبر من تلك، التي تتكبدها عند دخولها في صراع مسلح ضد دولة أخرى. ولهذا تصاعد الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة حماية الأمن السيبراني للدول».

وتلفت الصحيفة، إلى خطورة استغلال هذه الهجمات أيضا على يد الجماعات الإرهابية، وذلك في ظل تصاعد الضغوطات الأمنية على تنظيمات بعينها مثل: «القاعدة» و«داعش»، مما دفعها إلى التخطيط لهجمات إرهابية سيبرانية بالمقابل، لا سيما مع تزايد اعتماد الدول الغربية على الإنترنت في ربط البنى التحتية وتقديم الخدمات للجمهور.

ومن شأن تنفيذ تلك الهجمات، شل البِنى التحتية للدول الغربية، خاصة في القطاعات الحيوية، فضلا عن التكلفة الاقتصادية، التي ستؤثر بالتبعية على قوة الدولة وموقعها في النظام الدولي.

» الفيروس الروسي

وتسلط صحيفة «واشنطن بوست» الضوء على خطورة عمليات القرصنة، التي تتم على يد دول بعينها، حيث غيرت الهجمات الإلكترونية من طبيعة التفاعلات الدولية، بعد أن بدأت بعض الدول تعتمد عليها لحسم الصراعات لصالحها، وتجلى ذلك على سبيل المثال، في اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات الدول الغربية لقرصنة الحملات الانتخابية، للتأثير على فرص فوز المرشحين، كما هو الحال في الانتخابات الأمريكية، التي فاز بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وطالت الاتهامات بالقرصنة الإلكترونية أيضا روسيا من قبل الحملة الانتخابية لمرشح الوسط في الانتخابات الفرنسية «إيمانويل ماكرون»، الذي فاز بمنصب الرئاسة في السابع من مايو 2017.

وتقول الصحيفة الأمريكية عن ذلك: «روسيا صاحبة أكبر عدد اتهامات بالقرصنة الإلكترونية على مستوى قيادات الدول، حيث تستخدم موسكو تلك الوسيلة في لعب أدوار مخفية في تغيير أو تحييد سياسات دول بعينها، بما يخدم مصالحها».

وتضيف الصحيفة، أن أهمية هذا الملف حول القرصنة الإلكترونية وتهديد الأمن السيبراني للدول والعالم تبرز في طبيعة هذه التهديدات، سواء من قبل الأفراد، أو الجماعات الإرهابية، أو الدول، والجهود التي تتخذها الحكومات في سبيل الحفاظ على أمنها وردع الهجمات الإلكترونية.

ومن الوقائع التي رصدتها الصحيفة أيضا، شن قراصنة إلكترونيين روس لحملة هجمات واسعة على عدد كبير من المؤسسات والإدارات الرئيسة في عشرات الدول، مستخدمين أدوات طورتها وكالة الأمن القومي الأمريكي نفسها.

وأوضحت، أن الأدوات المستخدمة في القرصنة هي برمجيات خبيثة تشفر المعلومات وتحجز ملفات إدارات رسمية وتطلب فدية مالية لتحريرها. ويقول خبراء أمنيون إن هذه الهجمات الروسية استغلت نقطة ضعف اكتشفتها وطورتها وكالة الأمن القومي الأمريكي.

» أرباح هائلة

وفي أوقات كثيرة لا يكون الغرض من هجمات القراصنة ذا طبيعة سياسية وإنما يركز على تحقيق أرباح من وراء ذلك الاختراق.

ويوضح موقع «38 نورث نيوز» الإلكتروني، المهتم بأخبار التكنولوجيا حول العالم، أن التقديرات الأولية للأرباح، التي حققها القراصنة الإلكترونيون خلال العام الماضي فقط تتجاوز الـ2 مليار دولار، تتنوع بين سرقة حسابات بنكية، والسطو على هويات شخصية، وتزوير معاملات دولية.

ويضيف الموقع: «هذا هو الرقم المعلن للهجمات غير المشروعة عبر الإنترنت، لكن الواقع قد يحمل أنباء سيئة أكثر من ذلك بكثير».

وأوضح الموقع العالمي، أنه في أغلب حالات القرصنة لا تعرف السلطات على الفور مَنْ يقف وراء الهجمات، إلا أن هذه الأعمال تثير قلقا عميقا لدى خبراء الأمن السيبراني، مبرزًا مواطن الضعف الهائلة، التي تواجهها طرق التصدي غير الفعالة في حماية أنظمة الكمبيوتر حول العالم.

ولفت الموقع، إلى أن تلك الهجمات تركز أحيانا على دولة بعينها، وفي بعض الأوقات تتم في عدة دول في نفس التوقيت، مشيرة إلى أنه مؤخرا حذرت السلطات الأمريكية والبريطانية من موجة هجمات إلكترونية استهدفت بصورة متزامنة العديد من دول العالم بواسطة برنامج معلوماتي خبيث بهدف الحصول على مبالغ مالية، وناشدت حكومات تلك الدول ضحايا هذه الهجمات عدم دفع أموال للقراصنة.

ونقل الموقع عن وزارة الأمن الأمريكية تصريحها في أعقاب تلك الهجمات: «لقد وردتنا تقارير عديدة عن إصابة أجهزة الكمبيوتر ببرنامج معلوماتي للحصول على مبالغ مالية، نحض الأفراد والمنظمات على عدم دفع المال؛ لأن هذا الأمر لا يضمن الوصول مجددا إلى البيانات».

» أوروبا المخترقة

وفي نفس السياق، يوضح موقع «إينفورميشن إيدج»، أن أكثر دول العالم تضررا من الهجمات السيبرانية تتركز في القارة الأوروبية، حيث تمثل القرصنة الإلكترونية فيها تهديدا صريحا للديمقراطية وسلاحا لإضعاف الدول.

وأوضح الموقع، أن الأجهزة الأمنية في القارة تحاول بلا هوادة اكتشاف الثغرات الإلكترونية الأمنية وسدها، والتصرف بشكل حاسم لمواجهتها. كما يحاولون تأمين هذه الأنظمة وحماية المستخدمين الأوروبيين من الوقوع في فخ العمليات الإجرامية المشابهة.

ولفت إينفورميشن إيدج، إلى أن مسؤولي القارة اتخذوا خطوات فعالة في التصدي لاختراقات مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات السوشيال ميديا على وجه التحديد، التي يكون أغلبها أمريكي الأصل، وشملت تلك التشديدات 3 مواقع ومنصات بصفة خاصة، هي: فيسبوك، تويتر، وجوجل.

ولفت الموقع، إلى أن البرلمان الأوروبي قام باستجواب القائمين على المواقع الثلاثة، كما فرضت المفوضية الأوروبية غرامات باهظة على المسؤولين عنها، بسبب تهم تتراوح بين الاحتكار وانتهاك الخصوصية، وفتح الباب أمام عمليات القرصنة الإلكترونية.

» أنظمة مكشوفة

ومن مواقع التواصل الاجتماعي إلى الأنظمة السياسية وقيادات البلدان المختلفة، حيث تتضاعف خطورة القرصنة الإلكترونية عندما يكون الشخص المستهدف ذا منصب سياسي رفيع، كرئيس دولة أو عضو في البرلمان مثلا.

ويقول موقع «ياهو نيوز» عن ذلك، إن هناك العديد من الأنظمة باتت «مكشوفة» للمقرصنين الإلكترونيين، بسبب ضعف شبكاتها الأمنية الإلكترونية.

ولفت الموقع، إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر أفادت السلطات الأسترالية، عن وقوع قرصنة إلكترونية شاملة للعديد من حسابات الأشخاص من ذوي المناصب الحساسة في البلاد، مما أجبر مستخدمين بينهم رئيس الوزراء والوزراء على تغيير كلمات المرور الخاصة بهم واتخاذ إجراءات أمنية مشددة.

أيضا، ومع انتشار عمليات القرصنة الإلكترونية بدأت بعض الدول الاهتمام بتعليم الأطفال مهارات اختراق الأجهزة الذكية وبرامج الكمبيوتر، وذلك فى محاولة منها لإخراج جيل قادر على التعامل مع متطلبات العصر وما نعانيه من هجمات إلكترونية وقرصنة، وهناك 3 دول أدخلت القرصنة الإلكترونية ضمن مناهجها التعليمية بالفعل، وهي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.

» كيف نتصرف؟

ويمكن توجيه بعض النصائح للمستخدمين ممن يتشككون في تعرض حساباتهم الإلكترونية أو البنكية لهجوم قرصنة إلكترونية، كالآتي:

أولا: محاولة الدخول لحسابك المخترق بعدة طرق، وتغيير كلمة السر فور الدخول إليه بكلمة أشد صعوبة وأقل تكهنا.

ثانيا: إرسال إشعار للبنك، إذا تمت سرقة الحساب المصرفي، أو الاعتذار عن المنشورات المزيفة التي قام بوضعها المقرصن إذا كان الحساب المسروق على وسائل التواصل.

ثالثا: تفعيل خطوة التحقق على خطوتين أو تجميد الحساب لحين التأكد من خلوه من أي عمليات اختراق.

رابعا: إبلاغ السلطات المختصة بحماية الأمن السيبراني على الفور بعملية القرصنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

خامسا: التزام الحذر والحيطة بصورة أكبر خلال الأشهر الثلاثة التالية لعملية الاختراق، وتفعيل خدمات إشعارات الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني، عند رصد أي حركة غريبة على الحساب.

ديكان هيرالد: سلاح في يد الإرهاب

واشنطن بوست: روسيا صاحبة أكبر عدد اختراقات دولية

38 نورث نيوز: 2 مليار دولار مكاسب غير مشروعة عبر الإنترنت