صفاء قرة محمد ـ بيروت

مبادرة وطنية تطالب بالعودة لـ«الطائف» وإنهاء الوصاية الخارجية

تكمن نقطة الضعف الرئيسة في الحكومة اللبنانية الجديدة، في كونها جاءت بقرار سياسي من لون واحد، يتمثل في فريق 8 آذار، لكن وبالرغم من الاعتراضات المتعددة، التي رافقت ولادتها، والانقسام داخل المجتمع اللبناني والدولي، لجهة إعطائها فرصة للحكم على تبعيتها أو استقلاليتها، لا تبدو المؤشرات مطمئنة، خصوصاً بعدما ظهر إلى العلن رفض «حزب الله» موافقة لبنان على رؤية صندوق النقد الدولي لاعتبارات أيديولوجية بحتة، تبدأ وتنتهي بتبعيته لإيران.

» أجندة سياسية

يوضح المعارض الشيعي لقمان سليم في تصريح لـ«اليوم»، أن «الكلام الذي سمعناه وتأكد على لسان النائبين حسن فضل الله ومحمد رعد، يحسم النقاش اللبناني ـ اللبناني في النقطة الداخلية، ويؤكد أن «حزب الله» في نهاية المطاف، هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وليست الحكومة ورئيس الجمهورية أو المؤسسات».

ويشدد على أن «حزب الله لا يريد أن يعود لبنان من غرقه إلى حضن الشرعية الدولية، والحزب يريد أن يبقى لبنان بلداً مارقاً، وأن يبقي لبنان ساحة مفتوحة لأعماله العسكرية». وأضاف سليم: «ولكن أيضاً لكل ارتكزاته المالية ولكل ما يقوم به خارج القوانين، لأن مجرد التعاون مع صندوق النقد الدولي، سوف يضع لبنان تحت ما يمكن تسميته وصاية محمودة، أي يستحيل معها تشريع الحدود أو استباحة المال العام، أو استغلال القطاعات الاقتصادية اللبنانية كغسالة لتبييض الأموال، التي لا يعرف أحد مصدرها».

» رهان وابتزاز

ويؤكد المعارض سليم أن «حزب الله يراهن على أجندة سياسية معينة، هي أجندة إيران وهذه الأجندة تقوم على انتظار الانتخابات الأمريكية المقبلة ونتائجها، قبل اتخاذ أي قرار نهائي، وأيضا هو يريد أن يبقى لبنان معلقاً وتحت عنوان المقاومة بالطبع». وقال: «بكل تأكيد حزب الله لا يعنيه بالدرجة الأولى إنقاذ لبنان، قبل أن ينقذ نفسه، وأن يساهم في إنقاذ راعيه الإقليمي، وهو من خلال رفضه لصندوق النقد الدولي، يمارس ابتزازاً يأمل أن يستجيب له العالم، وتحديداً دول أوروبا، التي تتعامل مع الواقع وفق شروط حزب الله».

» المبادرة الوطنية

وفي سياق متصل، أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية والإعلامية والفكرية، مبادرة سياسية تحت عنوان «حركة المبادرة الوطنية».

جاء ذلك في مؤتمر صحافي، تلا خلاله فارس سعيد بيان المبادرة، التي أبرز ما تضمنته «استعادة السيادة والاستقلال والتخلص من أي وصاية، ووضع خارطة طريق للعبور إلى الدولة المدنية وفق آليات الطائف».

وأبرز ما أعلنه سعيد في البيان: «نعتقد بقوة أنّ الأزمة الحاليّة المتفجّرة، لا سيما بأبعادها الاقتصادية - المالية والاجتماعية الحالية، التي تضع الدولة على شفير الانهيار، والمجتمعَ على حافّة الفوضى والتّشظّي، التي تفاقمت مع دخول فيروس كورونا، إنما تُرَدُّ بأسبابها المتمادية إلى عاملٍ سياسيّ رئيس هو استمرار الوصاية على لبنان منذ العام 1990 حتى الآن، أكانت وصايةً سورية أم إيرانية». وزاد: نعتقد مجدداً أنّ المدخل إلى الخلاص الوطني، بما في ذلك الخلاص من الفساد والانحلال بشتّى تجلّياتهما، يتمثّل في العودة غيرِ الموارِبة إلى اتفاق الطائف والدستور، بوصفهما المرجعية التي لا غنى عنها لانتظام أي حراك إصلاحي إنقاذي، من دون تلك العودة تبقى انتفاضة 17 تشرين الحميدة وسائر المبادرات الاعتراضية مجرّد تشنّجاتٍ بمواجهة فريق الوصاية ذي المرجعية الخارجية.

» خارطة طريق

وعدد سعيد مبادئ المبادرة منها: استعادة السيادة والاستقلال، لا سيما احتكار الدولة للقرار السيادي والتخلُّص من أية وصاية خارجية، حمايةً السلم الأهلي والعيش المشترك، ذلك أن استدعاء أي خارج شكّل على الدوام سبباً لانفجار الوحدة الداخلية. وكذلك التأكيد على احترام الشرعيات الثلاث: الدستورية، والعربية، والدولية، لا سيما الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والقرارات: 1559، 1680، 1701 و1757.

بالإضافة للعمل على إسقاط نظام المحاصصة في السلطة، الذي ضخّمته الوصاية السورية، ومن ثمّ الوصاية الإيرانية وسلاحها (معادلة السلاح مقابل الفساد باعتباره حامياً وشريكاً له)، وهذا جوهر برنامج مكافحة الفساد.

على أن تلتزم حركة المبادرة الوطنية وضع خارطة طريق للعبور بلبنان نحو الدولة المدنية وفقاً للآليات المنصوص عليها في اتفاق الطائف والدستور، من خلال اعتماد نظام المجلسين.

وتعهدت الحركة بالعمل على إقرار كل الحقوق المدنية، التي طالما نادى بها اللبنانيون، طلباً للحداثة والديموقراطية، وحَمَلَها مجدداً ثوار 17 تشرين، وكذلك إلغاء جميع أنواع التمييز.