سكينة المشيخص

أصبح فيروس كورونا وباء يخرج تدريجيا عن السيطرة في ظل عدم توفر لقاح أو علاج شاف، وذلك يستدعي إجراءات وقائية بأقصى حدود الاحتياط والحذر على كافة الصعد، الفردية والمجتمعية والوطنية والدولية، ولا يمكن في هذا السياق تحديد التصرفات التي تناسب كل دولة ووضعها في أي إطار خارج نطاق الوقاية.

المملكة ومن واقع الوفادة المتواصلة إليها اتخذت الإجراءات التي تجعلها أكثر قدرة في السيطرة على وصول المرض إليها، ومن ذلك تقييد الوصول إلى المشاعر المقدسة وذلك منطقي من واقع الكم الكبير للوافدين والزحام الذي يساعد في انتشار المرض، وحين انتشر طاعون عمواس في فترة مبكرة من الإسلام لم يكن هناك علاج، وإنما إجراءات وقائية بأن يبتعد الناس عن بعضهم قدر الإمكان بل والاستعصام بالجبال للحد من انتشاره.

منظمة الصحة العالمية أعلنت أن المرض في الحالة الوبائية، وأنه ينتشر بصورة متسارعة لذلك أشادت بإجراءات المملكة الوقائية كونها تمثل إجراءات مستدامة للوقاية من المرض ومكافحته وحماية الحشود في أثناء موسم العمرة، وذلك أيضا مما نوه إليه الأزهر الشريف في بيان أكد فيه «إن هذه الإجراءات جائزة ومشروعة ومأجورة، بل هي واجبة شرعا لحفظ النفس، وهو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الذي تدور حوله الأحكام الجزئية والفرعية حمايةً للناس وللمجتمعات»، وأشار إلى أن الإسلام حث على دفع الضرر وأمر باتخاذ التدابير والاحتياطات كافة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة.

من المهم النظر إلى انتشار الفيروس والإجراءات التي تحد من توسعه في إطار وقائي بحت، ولنا أن نتخيل أنه في موسم الشتاء تنتقل عدوى الأنفلونزا بين المعتمرين أو الحجاج بصورة كبيرة، فما بالك بوباء عالمي يساعد الزحام في نقل العدوى، وسلامة النفس مقدمة على غيرها، لذلك من الضروري أن يتفهم القادمون إلى المملكة هذه الإجراءات، وفي بعض البلدان تم التوجيه ببقاء الناس في منازلهم وعدم الخروج حتى لا يتأثروا بالمرض وانتقال العدوى، أو ينقلوها إلى غيرهم.

هذا الفيروس الذي يتمتع بحرية انتقال على مستوى العالم لأنه لا يوجد دواء فعال له، لم يؤد إلى ضحايا وحسب وإنما أثر على حركة الاقتصاد العالمي، وقد يكون هناك رعب من انتشاره، إلا أنه ينبغي النظر إلى الصورة الكلية، حيث إن عدد الضحايا قليل ولكن مجرد الإصابة تضع المصاب في حالة من التوهم القاتل وحتى من حوله يصبحون أكثر ابتعادا عنه، كما أن عدد المتعافين أيضا كبير، ولكن الوقاية وعدم الوقوع في فخ الإصابة يظل مقدما على كل ما يتعلق بهذا الفيروس.

هناك نظريات مؤامرة حول حرب بيولوجية وحديث كثيف عن انتشاره بصورة معقدة وبطء الوصول إلى لقاح أو علاج، ولكن يظل ذلك من أحاديث الإعلام والمجالس، وينبغي التركيز فقط على سبل الوقاية واتباع موجهات السلطات الصحية وإجراءات الدولة في التعامل مع المرض، ولعل الحد من المشاركات العامة، وتعليق أي خطط للسفر من الإجراءات الشخصية البسيطة التي يمكن أن تفيد كثيرا، فمن خلال رصد الحالات في دول الخليج التي وصلها الفيروس فقد كانت جميعها تقريبا من دول تعرضت لانتشار الفيروس، وجاء وكأنه بصحبة راكب، وذلك ما حدث في بقية دول العالم التي أعلنت عن كشف إصابات، وبما أننا وبحمد لله في المملكة دون إصابات ينبغي أن نتوسع بثقافتنا بهذا الفيروس واتباع الإجراءات الصحية حتى لا يتم أبدا بإذن الله الإعلان عن حالات إصابة بالفيروس.

@sukinameshekhis